للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والثانِي: أنْ يَكونَ المُحيِي لا يَستضرُّ أهلُّ العِمارةِ به، أو يَكونَ هو أَصلحُ لهم مِنْ غيرِه.

وهذا في حقِّ المُسلمِ فإنَّه لا يَجوزُ له أنْ يَأذنَ للذِّميِّ فيما قرُبَ مِنْ العُمرانِ، بل يُخرجُه ويُعطيه قِيمةَ ما عمَّرَ؛ لأنَّ ما قرُبَ مِنْ العُمرانِ بمنزلةِ الفيءِ، والذِّميُّ لا حقَّ له في الفيءِ.

وله أنْ يُزيلَه عنه ويَأخذَه لجَماعةِ المُسلِمينَ ويُعطيَه قِيمةَ عملِه مَنقوضًا من بيتِ المالِ، أو يُعطيَه إيَّاه بعدَ أمرِه بقَلعِه، ولا يَرجعُ عليه فيما استَغلَّه فيما مَضى لكَونِه مِنْ جُملةِ المُسلِمينَ الذين لهم فيه حقٌّ (١).

وقالَ ابنُ هُبيرةَ : اتَّفقُوا على جَوازِ إِحياءِ الأرضِ المَيتةِ العارِيةِ، ثُم اختلَفُوا هل يُشتَرطُ في ذلك إذنُ الإمامِ؟

فقالَ أَبو حَنيفةَ: يُحتاجُ إلى إذنِه.

وقالَ مالكٌ: ما كانَ في الفَلاةِ وحيثُ لا يَتشاحُّ الناسُ فيه فلا يُحتاجُ إلى إذنِ الإمامِ، وما كانَ قريبًا مِنْ العُمرانِ وحيثُ يَتشاحُّ الناسُ فيه افتقَرَ إلى إذنِ الإمامِ.

وقالَ الشافِعيُّ وأحمدُ: لا يَفتقرُ إلى إذنِ الإمامِ (٢).


(١) «الإشراف على نكت مسائل الخلاف» (٣/ ٢٣٥، ٢٤٠)، رقم (١٠٨٥)، و «المعونة» (٢/ ١٧٥)، و «المنتقى» (٦/ ٢٩)، و «الذخيرة» (٦/ ١٥٨)، و «البيان والتحصيل» (١٠/ ٣٠٣)، و «الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي» (٥/ ٤٤٤)، و «تحبير المختصر» (٤/ ٦٢٨، ٦٢٩)، و «حاشية الصاوي» (٩/ ١٢٥).
(٢) «الإفصاح» (٢/ ٤١، ٤٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>