للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالَ الشافِعيُّ: في هذا الحَديثِ دَلائلُ:

منها: أنَّ حقًّا على الوالِي إِقطاعُ مَنْ سَألَه القَطيعَ مِنْ المُسلِمينَ؛ لأنَّ فِي قولِ رَسولِ اللهِ : «إنَّ اللهَ لا يُقدِّسُ أمَّةً لا يُؤخَذُ للضَّعيفِ فيهم حقُّهُ» دَلالةً أنَّ لمَن سَألَه الإِقطاعَ أنْ يُؤخَذَ للضَّعيفِ فيهم حقُّه وغيرُه.

ودَلالةٌ على أنَّ النَّبيَّ أقطَعَ الناسَ بالمَدينةِ، وذلك بينَ ظَهرانَيْ عِمارةِ الأَنصارِ مِنْ المَنازلِ والنَّخلِ، فلَم يَكنْ لهم بالعامرِ مَنعُ غيرِ العامرِ، ولو كانَ لهم لَم يَقطعْه الناسُ، وفي هذا دَلالةٌ على أنَّ ما قارَبَ العامرَ وكانَ بينَ ظَهرانَيْه وما لم يُقاربْ مِنْ المَواتِ سواءٌ في أنَّه لا مالكَ له، فعلى السُّلطانِ إِقطاعُه ممَّن سأَلَه مِنْ المُسلِمينَ.

قالَ الشافِعيُّ: أخبَرَنا ابنُ عُيينةَ عن هِشامٍ عن عُروةَ عن أَبيه أنَّ رَسولَ اللهِ أقطَعَ الزُّبيرَ أرضًا، وأنَّ عُمرَ بنَ الخَطابِ أقطَعَ العَقيقَ أَجمَعَ، وقالَ: أينَ المُستَقطعونَ؟ (قالَ الشافِعيُّ) والعَقيقُ قَريبٌ مِنْ المَدينةِ، وقولُه: «أين المُستقطِعونَ نَقطعُهم؟» وإنَّما أقطَعَ رَسولُ اللهِ ثُم عُمرُ، ومَن أقطَعَ ما لا يَملكُه أحدٌ يُعرَفُ مِنْ المَواتِ، وفي قولِ رَسولِ اللهِ : «مَنْ أَحيا مَواتًا فهو له» دليلٌ على أنَّ مَنْ أَحيا مَواتًا كانَ له كما يَكونُ له إنْ أقطَعَه، واتِّباعٌ في أنْ يَملكَ مَنْ أَحيا المَواتَ ما أَحيا كاتِّباعِ أَمرِه في أنْ يَقطعَ المَواتَ من يُحيِيه، لا فرقَ بينَهما، ولا يَجوزُ أنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>