للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولأنَّ الأرضَ أرضُ اللهِ والعبيدُ عبيدُه، وقد أذِنَ لهم في تَملُّكِها، فعن عُروةَ قالَ: «أَشهدُ أنَّ رَسولَ اللهِ قَضى أنَّ الأرضَ أرضُ اللهِ والعِبادَ عِبادُ اللهِ، ومَن أَحيا مَواتًا فهو أَحقُّ به جاءَنا بهذا عن النَّبيِّ الذين جاؤُوا بالصَّلواتِ عنه» (١).

ورَوى ابنُ أَبي شَيبةَ في مُصنَّفهِ مَوقوفًا على ابنِ عَباسٍ قالَ: «إنَّ عادِيَّ الأرضِ للهِ ولرَسولِه ولكم مِنْ بعدُ، فمَن أَحيا شيئًا مِنْ مَوتانِ الأرضِ فهو أحقُّ به» (٢).

وعن هِشامٍ عن الحَسنِ مَوقوفًا قالَ: «مَنْ أَحيا أرضًا مَواتًا لم تَكنْ لأحدٍ قبلَه فهي له»، قالَ هِشامٌ: وكتَبَ بذلك عُمرُ بنُ عبدِ العزيزِ (٣).

ولأنَّها عَينٌ لم يَتقدَّمْ عليها ملكٌ بحيثُ لا يُستَباحُ منها، فلم يَفتقرْ تَملُّكُها إلى إذنِ الإمامِ، كالحَطبِ والحَشيشِ، ولو كانَ يُشتَرطُ إذنُ الإمامِ لبيَّنَه النَّبيُّ ؛ لأنَّه أذِنَ ولم يُفرِّقْ بينَ أنْ يَكونَ بإذنِ الإمامِ أو بغيرِ إذنِه، ولأنَّه ليسَ في ذلك إِتلافُ حقِّ غيرِه، ولا ما يُؤدِّي إلى التَّخاصمِ والعَداوةِ، فكَانَ مملَّكًا بالإِحياءِ مُباحًا كتَمليكِ الحَشيشِ والصَّيدِ بالأَخذِ.

ولأنَّ هذه الأرضَ لا يَتعلَّقُ بها حقٌّ لغيرِ المُحيِي، فلم يُحتَجْ في إِحيائِها إلى إذنِ الإمامِ كما لو ملَكَها المُحيِي.


(١) حَدِيثٌ صَحِيحٌ: رواه أبو داود (٣٠٧٦)، «البيهقي في «الكبرى» (١١٥٥٣).
(٢) «مصنف ابن أبي شيبة» (٤/ ٤٨٧)، رقم (٢٢٣٨٥)، والبيهقي في «الكبرى» (٦/ ١٤٣)، رقم (١١٥٦٥).
(٣) «مصنف ابن أبي شيبة» (٤/ ٤٨٧)، رقم (٢٢٣٨٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>