للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَعدُّدُ نُظَّارِ الوَقفِ:

اتَّفقَ فُقهاءُ المَذاهبِ الأربَعةِ على جَوازِ أنْ يَكونَ للوَقفِ أكثَرُ مِنْ ناظِرٍ، واحِدٌ أو اثنانِ أو أكثَرُ.

إلا أنَّ الفُقهاءَ اختَلَفوا فيما لو أسنَدَ الواقفُ النَّظرَ لاثنَينِ، هل يَجوزُ لأحَدِهِما الانفِرادُ بالتَّصرفِ دُونَ الآخَرِ أم لا؟

فذهَبَ الإمامُ أبو حَنيفةَ والشافِعيةُ والحَنابلةُ إلى أنَّ الواقفَ لو أسنَدَ الوَقفَ إلى ناظِرَينِ فلا يَصحُّ تَصرُّفُ أحَدِهما مُستقِلًّا عن الآخَرِ.

قالَ الشافِعيةُ: فلو فوَّضَ الواقفُ النَّظرَ لاثنَينِ لم يَستقلَّ أحَدُهما بالتَّصرفِ ما لم يَنُصَّ عليه، ولو جعَلَ النَّظرَ لعَدلَينِ مِنْ أولادِه وليسَ فيهم إلَّا عَدلٌ ضَمَّ الحاكِمُ إليه عَدلاً آخَرَ، وإنْ شرَطَه للأرشَدِ مِنْ أولادِه فالأرشَدِ فأثبَتَ كُلٌّ مِنهم أنه الأرشَدُ اشتَركُوا في النَّظرِ بلا استِقلالٍ إنْ وُجدَتِ الأهلِيةُ فيهِم؛ لأنَّ الأرشَدِيةَ قد سقَطَتْ بتَعارضِ البيِّناتِ فيها وبَقيَ أصلُ الرُّشدِ، وإنْ وُجدَتِ الأرشَدِيةُ في بعضٍ مِنهمُ اختَصَّ بالنَّظرِ؛ عَملًا بالبيِّنةِ، ويَدخلُ في الأرشَدِ مِنْ أولادِ أولادِه الأرشَدُ مِنْ أولادِ البَناتِ؛ لصِدقِه به (١).

وقالَ الحَنابلةُ: إذا شرَطَ النَّظرَ لاثنَينِ فأكثَرَ لم يَصحَّ تَصرُّفُ أحَدِهما بدونِ الآخَرِ بلا شَرطِ واقِفٍ كالوكيلَينِ والوَصيَّينِ عن واحِدٍ، وإنْ شرَطَ واقِفٌ النَّظرَ لكلٍّ مِنهما بأنْ قالَ: «جَعَلتُ النَّظرَ لكلِّ واحِدٍ منهُما» صَحَّ، أو


(١) «مغني المحتاج» (٣/ ٤٨٢)، و «النجم الوهاج» (٥/ ٥٢٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>