للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَجعلُه لمَن يَثقُ به في دِينِه، فإنْ غفَلَ المُحبِّسُ عن ذلكَ كانَ النَّظرُ فيهِ للحاكِمِ يُقدِّمُ له مَنْ يَرتضيهِ، هذا إذا لم يَكنِ المُحبَّسُ عليه مُعيَّنًا مالِكًا أمْرَ نَفسِه.

وأمَّا إنْ كانَ مالِكًا أمْرَ نَفسِه ولم يُوَلِّ المُحبِّسُ على حَبسِه أحَدًا فهو الذي يَجوزُ ويَتولَّاهُ.

والناظِرُ على الحَبسِ إذا كانَ سَيِّئَ النَّظرِ غيرَ مَأمونٍ فإنَّ القاضيَ يَعزلُه، إلَّا أنْ يَكونَ المُحبَّسُ عليه مالِكًا أمْرَ نَفسِه ويَرضَى به ويَستمرُّ.

وقالَ القَرافِيُّ: القاضي لا يَعزِلُ ناظِرًا إلا بجُنحةٍ، وللواقِفِ عَزلُه ولو بغَيرِ جُنحةٍ (١).

وقالَ الحَنابلةُ: متى كانَ النَّظرُ للمَوقوفِ عليه إمَّا بجَعلِ الواقفِ ذلكَ له أو لكَونِه أحَقَّ بذلكَ عند عَدمِ ناظِرٍ سِواهُ وكانَ واحِدًا مُكلَّفًا رَشِيدًا فهو أحَقُّ بذلكَ، رَجلًا كانَ أو امرَأةً، عَدلًا كانَ أو فاسِقًا؛ لأنه يَنظرُ لنَفسِه، فكانَ له ذلكَ في هذه الأحوالِ كمِلكِه المُطلَقِ، ويُحتملُ أنْ يُضَمَّ إلى الفاسِقِ أمينٌ؛ حِفظًا لأصلِ الوَقفِ عن البَيعِ أو التَّضييعِ.

وإنْ كانَ الوَقفُ لجَماعةٍ رَشيدينَ فالنَّظرُ للجَميعِ لكُلِّ إنسانٍ في نَصيبِه، وإنْ كانَ المَوقوفُ عليه غيرَ رَشيدٍ إمَّا لصِغرٍ أو سَفهٍ أو جُنونٍ قامَ وَليُّه في النَّظرِ مَقامَه، كما يَقومُ مَقامَه في مالِه المُطلَقِ.


(١) «مواهب الجليل» (٧/ ٤٩٩)، و «حاشية الدسوقي» (٥/ ٤٧٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>