للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وصَلَّت وصامَت، وهذا قَولُ عَطاءٍ والشَّعبيِّ؛ لأنَّه دَمٌ في زَمنِ النِّفاسِ، فكانَ نِفاسًا كالأولِ، وكما لو اتَّصلَ.

والثانيةُ: أنَّه مَشكوكٌ فيه، تَصومُ وتُصلِّي ثم تَقضي الصَّومَ احتِياطًا، وهذه الرِّوايةُ المَشهورةُ عنه نقَلَها الأثرَمُ وغيرُه، ولا يأتيها زَوجُها، وإنَّما ألزَمَها فِعلَ العِباداتِ في هذا الدَّمِ؛ لأنَّ سَببَها مُتيقَّنٌ، وسُقوطُها بهذا الدَّمِ مَشكوكٌ فيه، فلا يَزولُ اليَقينُ بالشَّكِّ، وأمَرَها بالقَضاءِ احتِياطيًّا؛ لأنَّ وُجوبَ الصَّلاةِ والصَّومِ مُتيقَّنٌ، وسُقوطُ الصَّومِ بفِعلِه في هذا الدَّمِ مَشكوكٌ فيه، فلا يَزولُ بالشَّكِّ.

والفَرقُ بينَ هذا الدَّمِ وبينَ الزائِدِ على السِّتِّ والسَّبعِ في حَقِّ الناسيَةِ حيثُ لا يَجبُ قَضاءُ ما صامَته فيه مع الشَّكِّ؛ لأنَّ الغالِبَ مع عاداتِ النِّساء كَونُها سِتًّا أو سَبعًا، وما زادَ عليه نادِرٌ بخِلافِ النِّفاسِ، ولأنَّ الحَيضَ يَتكرَّرُ، فيَشقُّ إِيجابُ القَضاءِ فيه، والنِّفاسُ بخِلافِه، وكذلك الدَّمُ الزائِدُ على العادةِ في الحَيضِ.

وقالَ مالِكٌ: إنْ رأتِ الدَّمَ بعدَ يَومَين أو ثَلاثةٍ فهو نِفاسٌ، وإنْ تَباعدَ ما بينَهما فهو حَيضٌ، ولأَصحابِ الشافِعيِّ وَجهانِ فيها إذا رأتِ الدَّمَ يَومًا ولَيلةً بعدَ طُهرٍ خَمسةَ عَشرَ يَومًا.

أحدُهما: يَكونُ حَيضًا، والثاني: يَكونُ نِفاسًا.

وقالَ القاضِي: إنْ رأتِ الدَّمَ أقَلَّ من يَومٍ ولَيلةٍ بعدَ طُهرٍ خَمسةَ عَشرَ يَومًا، فهو دَمُ فَسادٍ تُصلِّي وتَصومُ ولا تَقضي، وهذا قَولُ أبي ثَورٍ وإنْ كانَ الدَّمُ الثاني

<<  <  ج: ص:  >  >>