للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والعُذرُ في تَغييرِه ما وقَعَ في البَيعِ عندَ الحاجةِ، وإنِ استَثناهُ مُستَثنٍ جازَ ومَضَى. انتهى، ونقَلَه ابنُ سَلْمونٍ أيضًا (١).

وقد صَرَّح النَّفراويُّ بجَوازِ بَيعِه إذا شرَطَ الواقفُ ذلكَ، فَجاءَ في «الفَواكِه الدَّوانِي»: ولا يَجوزُ -بمَعنى يَحرمُ- أنْ يُباعَ العَقارُ الحَبسُ وإنْ خَرِبَ بحَيثُ صارَ لا يُنتفعُ به ولَم يُرجَ عَودُه، قالَ مالكٌ : لا يُباعُ العَقارُ الحَبسُ ولو خَرِبَ، وبقاءُ أحباسِ السَّلفِ داثِرةً دَليلٌ على مَنعِ ذلكَ.

وعندَ بَعضِهم: يَجوزُ بَيعُه إنْ كانَ في بَقائِه ضرَرٌ ولا يُرجى عَودُه، وحُكيَ على ذلكَ الاتِّفاقُ، ولا شَكَّ في مُخالَفتِه لِما قالَه الإمامُ، ولعَلَّ وجْهَ كَلامِه : لِما يَلزمُ عليه مِنْ التَّطرقِ إلى بَيعِ الأوقافِ بدَعوَى الخَرابِ، والإمامُ بَنَى مَذهبَه على سَدِّ الذَّرائعِ، وكما لا يَجوزُ بَيعُ العَقارِ الحَبسِ لا يَجوزُ بَيعُ أنقاضِه.

تَنبيهٌ: كَلامُ المُصنِّفِ مُقيَّدٌ بما إذا لم يَكُنِ الواقفُ شرَطَ للمَوقوفِ عليه بَيعَه، وإلَّا جازَ، سَواءٌ قيَّدَ ذلكَ بالحاجةِ أم لا، كما لو شرَطَ الواقِفُ لنَفسِه بَيعَه، فيَجوزُ له بَيعُه؛ عَملًا بالشرطِ؛ قياسًا على شَرطِ الرُّجوعِ في صَدقتِه (٢).

وأمَّا الشافِعيةُ فلمْ أَقِفْ لهم على قَولٍ فيما لو اشتَرطَ الواقفُ استِبدالَ الوَقفِ، وإنَّما مَنَعوا مِنْ بَيعِ الوَقفِ وتَغييرِه كما سَيَأتي، ولَم يَذكُروا حُكمَ الاشتِراطِ فيما وقَفْتُ عليهِ، واللهُ أعلَمُ.


(١) «مواهب الجليل» (٧/ ٤٩٣).
(٢) «الفوكه الدواني على رسالة ابن أبي زيد القيرواني» (٢/ ١٦٤، ١٦٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>