وقالَ القاضي أبو الوَليدِ الباجِي ﵀: فأمَّا ما يُنقَلُ كالحَيوانِ والثِّيابِ فقدْ قالَ مالِكٌ في المَجموعةِ في الفَرسِ المُحبَّسِ يَضعُفُ فلا يَبقَى فيه قُوَّةٌ للغَزوِ: لا بَأسَ ببَيعِه، ويُجعَلُ ثَمنُه في آخَرَ، قالَ ابنُ القاسِمِ: وإنْ لم يَبلغْ شُورِكَ به، والثِّيابُ تُباعُ إنْ لم يَبْقَ فيها مَنفعةٌ ويُشترى بثَمنِها ما يُنتفعُ به.
وقد رَوى ابنُ حَبيبٍ عن ابنِ الماجشُونِ: لا يَجوزُ ذلكَ، ولو كانَ غيرَ هذا لَبطَلَتِ الأحباسُ.
وَجهُ القَولِ الأولِ أنَّ هذا فَسادٌ بَيِّنٌ مِنْ صلاحِه، ولا تُرجى عَودَتُه إلى ما كانَ عليه، وليسَتْ كذلكَ الرِّباعُ؛ فإنها تُعمرُ بعدَ الخَرابِ، فلذلكَ لم يَجُزْ بَيعُها، ووَجهُ قَولِ ابنِ الماجشونِ أنَّ هذا حَبسٌ، فلم يَجُزْ بَيعُه لعَدمِ الانتفاعِ به كالرِّباعِ (١).
وقالَ الشافِعيةُ في الأصَحِّ: يَجوزُ بَيعُ حُصرِ المَسجدِ المَوقوفةِ إذا بَلِيَتْ، وجُذوعِه إذا انكَسرَتْ أو أشرَفَتْ على ذلكَ ولم تَصلحْ إلَّا للإحراقِ؛ لئلَّا تَضيعَ ويَضيقَ المَكانُ بها مِنْ غيرِ فائِدةٍ، فتَحصيلُ نَزْرٌ يَسيرٌ مِنْ ثَمنِها يَعودُ إلى الوَقفِ أَولى مِنْ ضَياعِها، ولا تَدخلُ بذلكَ تحتَ بَيعِ الوَقفِ؛ لأنها صارَتْ في حُكمِ المَعدومةِ، ويُصرَفُ ثَمنُها في مَصالِحِ المَسجدِ.