والثَّاني: لا يُتَّبعُ شَرطُه؛ لأنه حَجرٌ على المُستحِقِّ في المَنفعةِ.
قالَ الخَطيبُ الشِّربينيُّ ﵀: ويُستَثنى مِنْ ذلكَ حالُ الضَّرورةِ، كما لو شرَطَ ألَّا تُؤجَّرَ الدارُ أكثَرَ مِنْ سَنةٍ ثُمَّ انهدَمَتْ وليسَ لها جِهةُ عِمارةٍ إلا بإجارةِ سِنينَ، فإنَّ ابنَ الصَّلاحِ أَفتَى بالجَوازِ في عُقودٍ مُستأنَفةٍ وإنْ شرَطَ الواقِفُ ألا يُستأنَفَ؛ لأنَّ المَنعَ في هذه الحالةِ يُفضي إلى تَعطيلِه، وهو مُخالِفٌ لمَصلحةِ الواقفِ.
ووافَقَه السُّبكيُّ والأذرعِيُّ، إلا في اعتِبارِ التَّقييدِ بعُقودٍ مُستأنَفةٍ، فرَدَّاهُ عليه وقالا: يَنبغي الجَوازُ في عَقدٍ واحِدٍ.
والذي يَنبَغي -كما قالَ شَيخُنا- ما أَفتَى به ابنُ الصَّلاحِ؛ لأنَّ الضَّرورةَ تَتقدَّرُ بقَدرِها.
ولو شرَطَ الواقِفُ ألا يُؤجَّرَ أكثَرَ مِنْ ثلاثِ سِنينَ فأجَّرَهُ الناظِرُ سِتَّ سِنينَ فإنْ كانَ في عَقدٍ واحِدٍ لم يَصحَّ في شيءٍ منها، ولا يُخرَّجُ على تَفريقِ الصَّفقةِ كما مَرَّتِ الإشارةُ إليه في فَصْلِها، وإذا أجَّرَ ثَلاثَ سِنينَ ثمَّ الثَّلاثَ الأُخَرَ قبلَ انقِضاءِ الأُولى لم يَصحَّ العَقدُ الثَّاني، كما أَفتَى به ابنُ الصَّلاحِ.