للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالَ ابنُ نُجيمٍ : لو شرَطَ الواقِفُ ألَّا يُؤجَّرَ وَقفُه أكثَرَ مِنْ سَنةٍ والناسُ لا يَرغَبونَ في استِئجارِ سَنةٍ، أو كانَ في الزِّيادةِ نَفعٌ للفُقراءِ، فللقاضي المُخالَفةُ دونَ الناظِرِ (١).

وأمَّا المالِكيةُ فقالوا: إذا شرَطَ الواقفُ مُدَّةً يَجبُ العَملُ بها، إلَّا لضَرورةٍ فيَجوزُ إجارةُ الوَقفِ أكثَرَ مِنْ المُدَّةِ الجائِزةِ له أو أكثَرَ ممَّا شَرَطَه الواقفُ لضَرورةٍ تَقتضِي الكِراءَ لأكثَرَ مِمَّا تقدَّمَ، كما لو انهدَمَ الوَقفُ فيَجوزُ كِراؤُه بما يُبنَى به ولو طالَ الزَّمنُ كأربَعينَ عامًا أو أزيَدَ، بقَدرِ ما تَقتضي الضَّرورةُ، وهو خيرٌ مِنْ ضَياعِه واندِراسِه.

ووقَعَ في زَمنِ القاضي ابنِ باديسَ بالقَيروانِ أنَّ دارًا حَبسًا على الفُقراءِ خَرِبتْ ولم يُوجَدْ ما تُصلَحُ به، فأَفتَى بأنها تُكرَى السِّنينَ الكثيرةَ كيفَ تَيسَّرُ بشَرطِ إصلاحِها مِنْ كِرائِها، وأبَى أن يُسمحَ ببَيعِها، وهو المُعوَّلُ عليهِ (٢).

وقالَ الشافِعيةُ في الأصَحِّ: إذا وقَفَ بشَرطِ ألا يُؤجَّرَ أصلًا أو ألا يُؤجَّرَ أكثَرَ مِنْ سَنةٍ صَحَّ الوَقفُ واتُّبعَ شَرطُه كسائِرِ الشُّروطِ المُتضمِّنةِ للمَصلحةِ.


(١) «الأشباه والنظائر» (١٩٥)، و «البحر الرائق» (٥/ ٢٤١)، (٨/ ٤، ٥)، ويُنظَر: «الهداية شرح البداية» (٣/ ٢٣١، ٢٣٢)، و «الاختيار» (٣/ ٦٢)، و «الجوهرة النيرة» (٣/ ٢٣٢، ٣٢٥)، و «مختصر الوقاية» (٢/ ١١٠، ١١١)، و «تبيين الحقائق» (٥/ ١٠٦)، و «ابن عابدين» (٤/ ٣٨٧).
(٢) «حاشية الدسوقي مع الشرح الكبير» (٥/ ٤٧٨، ٤٨٨)، و «التاج والإكليل» (٤/ ٥٩٢)، و «مواهب الجليل» (٧/ ٥٠٩)، و «شرح مختصر خليل» (٧/ ٩٩، ١٠٠)، و «تحبير المختصر» (٤/ ٦٦٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>