وصورَتُها: أنَّ مَنْ حَبسَ على زَيدٍ ثمَّ على عَمرٍو فإنه يَجوزُ لعَمرٍو أنْ يَكتريَها مِنْ زيدٍ عَشرةَ أعوامٍ، وسَواءٌ كانَ المَرجِعُ بتَحبيسٍ عليه أو مِلكٍ.
ومَحلُّ هذا إذا لم يَشترطِ الواقفُ مُدةً، وإلا عُمِلَ على ما شرَطَ، وبما إذا لم تَدعُ الضَّرورَةُ لأكثَرَ مِنْ ذلكَ لأجْلِ مَصلحةِ الوَقفِ، كما وقَعَ في زَمنِ القاضي ابنِ باديسَ بالقَيروانِ أنَّ دارًا حَبسًا على الفُقراءِ خَرِبتْ ولم يُوجَدْ ما تُصلَحُ به، فأَفتَى بأنها تُكرَى السِّنينَ الكَثيرةَ كيفَ تَيسَّرُ بشَرطِ إصلاحِها مِنْ كِرائِها، وأبَى أنْ يُسمَحَ ببَيعِها، وهو المُعوَّلُ عليه.
قالَ الدُّسوقيُّ ﵀: والمُرادُ بالناظِر مَنْ كانَ مِنْ جُملةِ المَوقوفِ عليهم، وأمَّا غيرُه فيَجوزُ له أنْ يُكريَ أزيَدَ مِنْ ذلكَ؛ لأنَّ بمَوتِه لا تَنفسخُ الإجارةُ، بخِلافِ المُستحِقِّ؛ فإنه تَنفسخُ الإجارةُ بمَوتِه، كذا في «عبق» و «كبير» و «خش»، قالَ شَيخُنا العَدويُّ: ولم أرَهُ مَنصوصًا، وظاهِرُ كلامِهِم الإطلاقُ، تَأمَّلْ (١).
(١) «حاشية الدسوقي مع الشرح الكبير» (٥/ ٤٧٨، ٤٨٨)، و «التاج والإكليل» (٤/ ٥٩٢)، و «مواهب الجليل» (٧/ ٥٠٩)، و «شرح مختصر خليل» (٧/ ٩٩، ١٠٠)، و «تحبير المختصر» (٤/ ٦٦٧).