للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعنْ أبي هُريرةَ قالَ النَّبيُّ : «مَنِ احتَبسَ فَرسًا في سَبيلِ اللهِ إيمانًا باللَّهِ وتَصديقًا بوَعدِه فإنَّ شِبَعَه وَرِيَّه ورَوْثَه وبَولَه في مِيزانِه يَومَ القِيامةِ» (١)، وهذا أصلٌ في تَحبيسِ ما سِوى الأرضِ.

قالَ المُهلَّبُ وغَيرُه: في هذا الحَديثِ جَوازُ وَقفِ الخَيلِ للمُدافَعةِ عن المُسلمينَ، ويُستنبَطُ منه جَوازُ وَقفِ غَيرِ الخَيلِ مِنْ المَنقولاتِ ومِن غيرِ المَنقولاتِ مِنْ بابِ الأَولَى (٢).

ورُوِيَ عن أُمِّ مَعقِلٍ قالَتْ: «لَمَّا حَجَّ رَسولُ اللهِ حجَّةَ الوداعِ وكانَ لنا جَملٌ فجعَلَه أبو مَعقِلٍ في سَبيلِ اللهِ، وأصابَنَا مرَضٌ وهلَكَ أبو مَعقِلٍ، وخرَجَ النبيُّ ، فلمَّا فرَغَ مِنْ حَجِّه جِئتُه، فقالَ: يا أُمَّ مَعقِلٍ ما منَعَكِ أنْ تَخرُجي مَعنَا؟ قالَتْ: لقدْ تَهيَّأْنا فهلَكَ أبو مَعقِلٍ، وكانَ لنا جمَلٌ هو الذي نَحُجُّ عليه، فأَوصَى به أبو مَعقِلٍ في سبِيلِ اللهِ، قالَ: فهَلَّا خَرَجتِ عليه، فإنَّ الحَجَّ في سبيلِ اللهِ» (٣).

ولأنه يَحصلُ فيهِ تَحبيسُ الأصلِ وتَسبيلُ المَنفعةِ، فصَحَّ وَقفُه كالعَقارِ والفَرسِ الحَبيسِ، ولأنه يَصحُّ وَقفُه مع غَيرِه فصَحَّ وَقفُه وحْدَهُ كالعَقارِ.

ولأنه مالٌ يُنتفَعُ به في وَجهِ قُربةٍ، فجازَ أنْ يُوقَفَ كالعَقارِ (٤).


(١) أخرجه البخاري (٢٦٩٨).
(٢) «فتح الباري» (٦/ ٥٧).
(٣) صَحِيحٌ: رواه أبو داود (١٩٨٩)، وابن خزيمة في «صحيحه» (٢٣٧٦).
(٤) «الإشراف» (٣/ ٢٥١) رقم (١٠٩٤)، و «الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي» (٥/ ٤٥٦)، و «مواهب الجليل» (٧/ ٤٧٩، ٤٨١)، و «التاج والإكليل» (٤/ ٥٦١)، و «شرح مختصر خليل» (٧/ ٧٩)، و «تحبير المختصر» (٤/ ٦٤١)، و «تفسير القرطبي» (٨/ ٣٨)، و «الحاوي الكبير» (٧/ ٥١٧)، و «شرح صحيح مسلم» للنووي (٨/ ٥٦) «مغني المحتاج» (٣/ ٤٥٣)، و «تحفة المحتاج» (٧/ ٤٤٨)، و «نهاية المحتاج» (٥/ ٤١٤)، و «النجم الوهاج» (٥/ ٤٥٧)، و «الديباج» (٢/ ٥١٦)، و «المغني» (٥/ ٣٧٥)، و «الكافي» (٢/ ٤٤٨)، و «الشرح الكبير» (٦/ ١٨٨، ١٨٩)، و «المبدع» (٥/ ٣١٦)، و «الإنصاف» (٧/ ٧)، و «المحلى» (٩/ ١٨١).

<<  <  ج: ص:  >  >>