للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذا كانَ المَوقوفُ أو المُتَصدَّقُ به مَشهورًا مُتميِّزًا بحيثُ يُؤمَنُ أنْ يَلتبسَ بغيرِه، وإلَّا فلا بُدَّ مِنْ التَّحديدِ اتِّفاقًا.

لكنْ ذكرَ الغَزالِيُّ في فَتاويهِ أنَّ مَنْ قالَ: «اشهَدُوا على أنَّ جَميعَ أملاكي وَقفٌ على كذا» وذكَرَ مَصرِفَها ولم يُحَدِّدْ شيئًا منها صارَتْ جَميعُها وَقفًا، ولا يَضرُّ جَهلُ الشُّهودِ بالحُدودِ، ويُحتملُ أنْ يَكونَ مُرادُ البخاري أنَّ الوَقفَ يَصحُّ بالصِّيغةِ التي لا تَحديدَ فيها بالنِّسبةِ إلى اعتِقادِ الواقفِ وإرادتِه لشيءٍ مُعيَّنٍ في نَفسِه، وإنَّما يُعتبَرُ التَّحديدُ لأجْلِ الإشهادِ عليه؛ ليُبيِّنَ حقَّ الغَيرِ، واللهُ أعلَمُ (١).

وقالَ بَدرُ الدِّينِ العينِيُّ : أيْ: هذا بابٌ يذكرُ فيهِ إذا وقَفَ شَخصٌ أرضًا والحالُ أنه لم يُبيِّنْ حُدودَ تلكَ الأرضِ فهو جائِزٌ، وهذا غيرُ مُطلَقٍ، بَلِ المُرادُ منه أنَّ الأرضَ إذا كانَتْ مَشهورةً لا يُحتاجُ إلى ذِكرِ حُدودِها، وإلَّا فلا بُدَّ مِنْ التَّحديدِ؛ لئلَّا يَلتبسَ بحُدودِ الغَيرِ فيَحصلَ الضَّررُ.

قولُه: (وكذلكَ الصَّدقةُ)، أي: وكذلكَ الوَقفُ بلَفظِ الصَّدقةِ، بأنْ جعَلَ أرضَه صَدقةً للهِ تعالى وتَعظَّمَ كما جعَلَ أبو طَلحةَ حائِطَه صَدقةً للهِ تعالى ولم يَذكُرْ شيئًا غيرَ ذلكَ (٢).


(١) «فتح الباري» (٥/ ٣٩٦).
(٢) «ابن عابدين» (٤/ ٣٩٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>