للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والثَّاني: أنَّ وَلدَ الابنةِ وإنْ كانَ وَلدَ وَلدِه فإنه لا يَعلمُ ذلكَ إلَّا الخاصُّ مِنْ الناسِ، وأكثَرُهم يَعتقدونَ أنَّ الوَلدَ لا يَقعُ إلَّا على الذَّكرِ دونَ الأُنثى، وإذا سَألتَ أحَدَهم هل له وَلدٌ ولا ابنَ له ذَكرٌ قالَ لكَ: «ليس لي وَلدٌ، وإنَّما ليَ ابنةٌ»، فوجَبَ أنْ يُحمَلَ لفظُ المُحبِّسِ على ما يُعرَفُ مِنْ مَقاصدِ الناسِ بألفاظِهم وإنْ خالَفَ ذلكَ مُوجَبَ اللَّفظِ في اللِّسانِ العرَبيِّ، ألَا تَرى أنَّ مَنْ حلَفَ ألا يَأكلَ لَحمًا أو بَيضًا لا يَحنثُ بأكلِ الحِيتانِ وبَيضِها وإنْ كانَ ذلكَ لَحمًا في اللِّسانِ (١).

وقالَ الحَنابلةُ: لا يَدخلُ وَلدُ البَناتِ في الوَقفِ على وَلدِه أو أولادِه أو ذُرِّيتِه ونَحوِه؛ لأنهُم لم يَدخُلوا في قَولِه تَعالى: ﴿يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ﴾ [النساء: ١١]، ولأنهُم إنَّما يُنسَبونَ إلى قَبيلةِ آبائِهِم دونَ قَبيلةِ أمَّهاتِهِم، وقالَ تعالى: ﴿ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ﴾ [لقمان: ٥]، وقالَ الشاعِرُ:

بَنُونَا بَنو أبنائِنا وبَناتُنا بَنوهُنَّ أبناءُ الرِّجالِ الأباعِدِ

وأمَّا قَولُه : «إنَّ ابنِي هذا سَيِّدٌ» (٢) ونحوُه فمِن خَصائِصِه انتِسابُ أولادِ فاطِمةَ إليهِ.


(١) «المقدمات الممهدات» (٢/ ٤٢٧، ٤٢٨)، و «الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي» (٥/ ٤٨٢، ٤٨٣)، و «التاج والإكليل» (٤/ ٥٨٦)، و «مواهب الجليل» (٧/ ٥٠٦)، و «شرح مختصر خليل» (٧/ ٩٦)، و «تحبير المختصر» (٤/ ٦٦٢).
(٢) أخرجه البخاري (٢٧٠٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>