للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإذا قُلنا: يَصحُّ -وهو قَولُ القاضي- وكانَ مَنْ لا يَجوزُ الوَقف عليه ممَّن لا يُمكِنُ اعتِبارُ انقِراضِه كالمَيتِ والمَجهولِ والكَنائسِ صُرِفَ في الحالِ إلى مَنْ يَجوزُ الوَقفُ عليه؛ لأنَّنا لمَّا صَحَّحْنا الوَقفَ مع ذِكرِ ما لا يَجوزُ الوَقفُ عليه فقدْ ألغَيْناهُ؛ لتَعذُّرِ التَّصحيحِ مع اعتِبارِه.

وإنْ كانَ مَنْ لا يَجوزُ الوَقفُ عليه يُمكِنُ اعتِبارُ انقِراضِه كأمِّ وَلدِه وعَبدٍ مُعيَّنٍ فَفيهِ وَجهانِ:

أحَدُهما: أنه يَنصرفُ في الحالِ إلى مَنْ يَجوزُ الوَقفُ عليهِ كالتي قبلَها، ذكَرَه أبو الخطَّابِ.

الثَّاني: أنه يَنصرفُ في الحالِ إلى مَصرفِ الوَقفِ المُنقطِعِ إلى أنْ يَنقرِضَ مَنْ لا يَجوزُ الوَقفُ عليه، فإذا انقَرضَ صُرفَ إلى مَنْ يَجوزُ، وهذا الوَجهُ الذي ذكَرَه القاضي وابنُ عَقيلٍ؛ لأنَّ الواقفَ إنَّما جعَلَه وَقفًا على مَنْ يَجوزُ بشَرطِ انقِراضِ هذا، فلا يَثبتُ بدُونِه، وفارَقَ ما لا يُمكِنُ اعتِبارُ انقِراضِه، فإنه تَعذَّرَ اعتِبارُه، ولأصحابِ الشافِعيِّ وَجهانِ كهذَينِ (١).

وقالَ البُهوتيُّ : ووَقفٌ مُنقطِعُ الابتِداءِ فقط كوَقفِه على نَفسِه أو على عَبدِه ثمَّ على وَلدِه ثمَّ الفُقراءِ يُصرَفُ في الحالِ إلى مَنْ بعدَه، فيُصرَفُ لوَلدِه في الحالِ؛ لِما تَقدَّمَ مِنْ أنَّ وُجودَ مَنْ لا يَصحُّ الوَقفُ عليه كعَدمِه (٢).


(١) «المغني» (٥/ ٣٦٥)، و «الكافي» (٢/ ٤٥٣).
(٢) «شرح منتهى الإرادات» (٤/ ٣٤٥، ٣٤٦)، و «كشاف القناع» (٤/ ٣٠٧)، ويُنظَر: الشرح الكبير» (٦/ ٢٠١)، و «شرح الزركشي» (٢/ ٢٠١)، و «المبدع» (٥/ ٣٢٧٠، ٣٢٨)، و «الإنصاف» (٦/ ٣٤)، و «مطالب أولي النهى» (٤/ ٢٩٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>