وذهَبَ الحَنفيةُ والمالِكيةُ والحَنابلةُ في المَذهبِ والشافِعيةُ في قَولٍ إلى أنَّ الوَقفَ صَحيحٌ.
قالَ المالِكيةُ: الوَقفُ إذا كانَ مُنقطعَ الأولِ كالوَقفِ على نَفسِه أو على مَعصيةٍ أو على مَيتٍ لا يَنتفعُ ثمَّ على الفُقراءِ فإنَّ الوَقفَ يَبطلُ فيما لا يَجوزُ الوَقفُ عليه، ويَصحُّ إذا أمكَنَ الوُصولُ إليهِ ولا يَضرُّ الانقِطاعُ؛ لأنَّ الوَقفَ نَوعٌ مِنْ التَّمليكِ في المَنافعِ أو الأعيانِ، فجازَ أنْ يَعُمَّ أو يَخُصَّ كالعَواري والهِباتِ والوَصايا (١).
وقالَ ابنُ قُدامةَ ﵀: وإنْ كانَ الوَقفُ مُنقطِعَ الابتِداءِ مثلَ أنْ يَقفَه على مَنْ لا يَجوزُ الوَقفُ عليه كنَفسِه أو أمِّ وَلدِه أو عَبدِه أو كَنيسةٍ أو مَجهولٍ، فإنْ لم يَذكرْ له ما لا يَجوزُ الوَقفُ عليه فالوَقفُ باطِلٌ، وكذلكَ إنْ جعَلَ مآلَه ممَّا لا يَجوزُ الوَقفُ عليهِ؛ لأنه أخَلَّ بأحَدِ شَرطَي الوَقفِ، فبطَلَ كما لو وقَفَ ما لا يَجوزُ وَقفُه.
وإنْ جعَلَ له ما لا يَجوزُ الوَقفُ عليه مثلَ أنْ يَقفَه على عَبدِه ثمَّ على المَساكينِ ففي صِحتِه وَجهانِ؛ بِناءً على تَفريقِ الصَّفقةِ، وللشَّافعيِّ فيهِ قَولانِ كالوَجهَينِ.
(١) «الذخيرة» (٦/ ٣٣٩)، و «الفواكه الدواني» (٢/ ١٦٢)، و «حاشية الدسوقي على الشرح الكبير» (٥/ ٤٦٣)، و «شرح مختصر خليل» (٧/ ٨٤)، و «حاشية الصاوي» (٩/ ١٥٩).