للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويُطعِمَ صَديقًا جازَ؛ لأنَّ عُمرَ شرَطَ ذلكَ في صَدقتِه التي استَشارِ فيها رَسولَ اللهُ ، فإنْ وَلِيَها الواقفُ كانَ له أنْ يَأكلَ ويُطعمَ صديقًا؛ لأنَّ عُمرَ وَلِيَ صَدقتَه، وإنْ وَلِيَها أحدٌ مِنْ أهلِه كانَ له ذلكَ؛ لأنَّ حَفصةَ بنتَ عُمرَ كانتْ تَلي صَدقتَه بعد مَوتِه، ثمَّ وَلِيَها بعدَها عَبدُ اللهِ ابنُ عُمرَ (١).

وقالَ الطَّحاويُّ : قالَ بشرٌ عن أبي يُوسفَ: ولو استَثنَى أنْ يُنفقَ منها على نَفسِه مِنْ الصَّدقةِ المَوقوفةِ حَياتَه وهي للأبَدِ فإنَّ ذلكَ جائِزٌ (٢).

واستَدلَّ الحَنفيةُ بالأدلَّةِ التي ذكَرْتُها في المَسألةِ السَّابقةِ في وَقفِ الإنسانِ على نَفسِه، ولأنَّ الوَقفَ إزالةَ المِلكِ إلى اللهِ تعالى على وَجهِ القُربةِ، فإذا شرَطَ البَعضَ أو الكلَّ لنَفسِه فقدْ جعَلَ ما صارَ مَملوكًا للهِ تعالى لنَفسِه، لا أنْ يَجعلَ مِلكَ نَفسِه لنَفسِه، وهذا جائزٌ، كما إذا بَنى خانًا أو سِقايةً أو جعَلَ أرضَه مَقبرةً وشرَطَ أنْ يَنزلَه أو يَشربَ منه أو يُدفنَ فيه، ولأنَّ مَقصودَه القُربةُ، وفي الصَّرفِ إلى نَفسِه صَدقةٌ، قالَ : «نَفقةُ الرَّجلِ على نَفسِه صَدقةٌ»، قالَ ابنُ الهُمامِ : رُويَ معنَى هذا الحَديثِ مِنْ طُرقٍ كثيرةٍ يَبلغُ بها الشُّهرةَ … فقدْ تَرجَّحَ قَولُ أبي يُوسفَ، قالَ الصَّدرُ


(١) «المغني» (٥/ ٣٥٢، ٣٥٣)، ويُنظَر: «الشرح الكبير» (٦/ ١٩٥)، و «شرح الزركشي» (٢/ ١٩٩)، و «الإنصاف» (٧/ ١٨)، و «الفروع» (٤/ ٤٤٤)، و «كشاف القناع» (٤/ ٣٠١)، و «شرح منتهى الإرادات» (٤/ ٣٣٨، ٣٣٩)، و «مطالب أولي النهى» (٤/ ٢٨٥)، و «منار السبيل» (٢/ ٣٢٦).
(٢) «مختصر اختلاف العلماء» (٤/ ١٦٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>