وقالَ الحَنابلة: يُشترطُ في الوَقفِ على مُعيَّنٍ مِنْ جِهةٍ كمَسجدِ كذا أو شَخصٍ كزَيدٍ أنْ يَملكَ مِلكًا مُستقِرًّا؛ لأنَّ الوَقفَ يَقتضي تَحبيسَ الأصلِ تَحبيسًا لا تَجوزُ إزالتُه، ومَن مِلكُه غيرُ ثابتٍ تَجوزُ إزالتُه، والوَقفُ على المَساجدِ ونحوِها وَقفٌ على المُسلمينَ، إلَّا أنه عُيِّنَ في نَفعٍ خاصٍّ لهم.
فلا يَصحُّ الوَقفُ على مَنْ لا يَملكُ، كالوَقفِ على مَجهولٍ كرَجلٍ؛ لصِدقِه بكلِّ رَجلٍ، وكمَسجدٍ فلا يَصحُّ؛ لصِدقِه بكلِّ مَسجدٍ، أو على مُبهَمٍ كأحَدِ هَذينِ الرَّجلينِ أو المَسجدينِ ونحوِهما؛ لتردُّدِه، ك:«بعتُكَ أحدَ هَذينِ العبدَينِ».
ولا يَصحُّ الوَقفُ على مَنْ لا يَملكُ، كقِنٍّ ومُدبَّرٍ وأُمِّ وَلدٍ ومَلَكٍ -بفَتحِ اللامِ: أحَدُ الملائِكةِ- وبَهيمةٍ؛ لأنَّ الوَقفَ تَمليكٌ، فلا يَصحُّ على مَنْ لا يَملكُ، وأمَّا الوَقفُ على المَساجدِ ونَحوِها فعلى المُسلمينَ، إلَّا أنه عُيِّنَ في نَفعٍ خاصٍّ لهم.
ولا يَصحُّ الوَقفُ أيضًا على حَملٍ أصالةً ك:«وَقَفتُ داري على ما في بَطنِ هذه المَرأةِ» فلا يَصحُّ؛ لأنه تَمليكٌ إذنْ، والحَملُ لا يَصحُّ تَمليكُه بغَيرِ الإرثِ والوَصيةِ، لا إنْ وقَفَ على الحَملِ تَبعًا لمَن يَصحُّ الوَقفُ عليه ك:«وَقَفتُ على أولادي، أو على أولادِ فُلانٍ» وفيهم حَملٌ، فيَشملُه الوَقفُ، أو قالَ: «وقَفْتُ هذا على أولادي ثمَّ أولادِهم أبَدًا، أو أولادِ زيدٍ ثم