للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أولادِهم أبدًا» ونحوَه، فانتَقلَ الوَقفُ إلى بَطنٍ مِنْ أهلِ الوَقفِ وفيهم حَملٌ، فيَستحقُّ مَعهُم بوَضعِه (١).

وذهَبَ الحَنفيةُ والمالِكيةُ إلى أنه لا يُشترطُ لصِحةِ الوَقفِ أنْ يَكونَ المَوقوفِ عليه مَوجودًا وقتَ الوَقفِ، فيَصحُّ على الجَنينِ ومَن سيُولَدُ.

قالَ الحَنفيةُ: لا يُشترطُ لصِحةِ الوَقفِ على شيءٍ وُجودُ ذلكَ الشيءِ وَقتَه، فلو وقَفَ على أولادِ زَيدٍ ولا ولَدَ له أو على مَكانٍ هيَّأهُ لبِناءِ مَسجدٍ أو مَدرسةٍ صَحَّ في الأصَحِّ، وتُصرَفُ الغَلةُ للفُقراءِ إلى أنْ يُولدَ لزَيدٍ أوْ يُبنى المَسجدُ، بخِلافِ ما لو وقَفَ على مَسجدٍ سيَعمرُه ولم يُهيِّئْ مَكانَه لم يَصحَّ الوَقفُ.

قالَ ابنُ عابِدينَ : هذا الوَقفُ يُسمَّى مُنقطِعَ الأولِ، قالَ في «الخانِيَّة»: ولو قالَ: «أَرضي صَدقةٌ مَوقوفةٌ على مَنْ يَحدثُ لي مِنْ الوَلدِ» وليس له ولَدٌ يَصحُّ، فإذا أُدركَتْ الغلَّةُ تُقسَمُ على الفُقراءِ، وإنْ حدَثَ له ولَدٌ بعدَ القِسمةِ تُصرَفُ الغَلةُ التي تُوجَدُ بعدَ ذلكَ إلى هذا الولَدِ؛ لأنَّ قولَه: «صَدقةٌ مَوقوفةٌ» وَقفٌ على الفُقراءِ، وذِكرُ الوَلدِ الحادِثِ للاستِثناءِ، كأنه قالَ: «إلا إنْ حدَثَ لي وَلدٌ فغَلتُها له ما بَقيَ». اه

ومنه ما في «الإسْعَاف»: وقَفَ على وَلدِه وليس له إلا ولَدُ ابنٍ، تُصرَفُ الغَلةُ لوَلدِ الابنِ إلى أنْ يَحدُثَ للواقفِ وَلدٌ لصُلبِه فتُصرَفُ إليهِ. اه (٢).


(١) «المغني» (٥/ ٣٧٧)، و «المبدع» (٥/ ٣٢٢)، و «كشاف القناع» (٤/ ٣٠٣)، و «شرح منتهى الإرادات» (٤/ ٣٤١).
(٢) «ابن عابدين» (٤/ ٣٩٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>