للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فذهَبَ الشافِعيةُ والحَنابلةُ إلى أنه يُشترطُ لصِحةِ الوَقفِ أنْ يَكونَ المَوقوفُ عليهِ مَوجودًا وَقتَ الوَقفِ، فلا يَصحُّ الوَقفُ على مَنْ لا يَصحُّ تَملُّكُه.

قالَ الشافِعيةُ: إنْ وقَفَ على مُعيَّنٍ مِنْ واحِدٍ أو اثنَينِ أو جَمعٍ اشتُرطَ إمكانُ تَمليكِه في حالِ الوَقفِ عليه بوُجودِه في الخارِجِ، بأنْ يُوجَدَ خارِجًا مُتأهِّلًا للمِلكِ؛ لأنَّ الوَقفَ تَمليكُ المَنفعةِ، فلا يَصحُّ الوَقفُ على مَعدومٍ ك: على مَسْجِدٍ سَيُبنى أو على وَلدِه وهو لا ولَدَ له، ولا على فَقيرِ أولادِه ولا فَقيرَ فيهم، فإنْ كانَ فيهم فَقيرٌ وغَنيٌّ صَحَّ ويُعطَى منه أيضًا مَنْ افتَقرَ بعدُ.

وكذلكَ بكَونِه أهلًا لتَملُّكِ المَوقوفِ، فلا يَصحُّ الوَقفُ على جَنينٍ؛ لعَدمِ صِحةِ تَملُّكِه؛ لأنَّ الوَقفَ تَمليكٌ وإثباتُ حقٍّ ناجِزٍ، فأشبَهَ الهِبةَ، وليس كالوَصيةِ؛ لأنها تَتعلَّقُ بالمُستقبَلِ، وسَواءٌ أكانَ مَقصُودًا أم تابِعًا، حتى لو كانَ له أولادٌ وله جَنينٌ عند الوَقفِ لم يَدخلْ، نعم إنِ انفَصلَ دخَلَ مَعهُم، إلا أنْ يَكونَ الواقفُ قد سَمَّى المَوجودينَ أو ذكَرَ عدَدَهم فلا يَدخلْ.

ولا يَصحُّ الوَقفُ على المَيِّتِ؛ لأنه لا يَملِكُ، ولا على القِراءةِ على رأسِ قبْرِه أو قبْرِ أبيهِ الحَيِّ، ولا على أحَدِ هذَينِ الشَّخصَينِ؛ لعَدمِ تَعيينِ المَوقوفِ عليه (١).


(١) «مغني المحتاج» (٣/ ٤٥٦، ٤٥٧)، و «الإقناع» (٢/ ٣٦١)، و «نهاية المحتاج» (٥/ ٤١٧، ٤١٨)، و «كنز الراغبين» (٣/ ٢٤٤)، و «النجم الوهاج» (٥/ ٤٦١)، و «الديباج» (٢/ ٥١٧، ٥١٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>