للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالَ شَيخُ الإِسلامِ ابنُ تَيميةَ : والأظهَرُ في الدَّليلِ مَذهبُ أبي حَنيفةَ ومالِكٍ أنَّها لا يَلزمُها شَيءٌ؛ لأنَّ القَضاءَ إنَّما يَجبُ بأمرٍ جَديدٍ ولا أمرَ هنا يَلزمُها بالقَضاءِ، ولأنَّها أُخِّرت تأخيرًا جائزًا فهي غيرُ مُفرِّطةٍ، وأمَّا النائِمُ أو الناسي، وإنْ كان غيرَ مُفرِّطٍ أيضًا؛ فإنَّ ما يَفعلُه ليسَ قَضاءً، بل ذلك وَقتُ الصَّلاةِ في حَقِّه حين يَستيقظُ ويَذكرُ كما قالَ النَّبيُّ : «مَنْ نامَ عن صَلاةٍ أو نَسيَها فليُصلِّها إذا ذكَرَها؛ فإنَّ ذلك وَقتُها».

وليس عن النَّبيِّ حَديثٌ واحِدٌ بقَضاءِ الصَّلاةِ بعدَ وَقتِها وإنَّما ورَدَت السُّنةُ بالإعادةِ في الوَقتِ لمَن ترَكَ واجِبًا من واجِباتِ الصَّلاةِ كأمرِه المُسيءَ في صَلاتِه بالإعادةِ لمَّا ترَكَ الطُّمأنينةَ المَأمورَ بها، وأمْرِه مَنْ صلَّى خلَفَ الصَّفِ مُنفردًا بالإعادةِ لمَّا ترَكَ المُصافَّةَ الواجِبةَ، وكأمْرِه مَنْ ترَكَ لُمعةً من قَدمِه لم يُصبْها الماءُ بالإعادةِ لمَّا ترَكَ الوُضوءَ المَأمورَ به، وأمَرَ النائِمَ والناسيَ بأنْ يُصلِّيا إذا ذَكَرا وذلك هو الوَقتُ في حَقِّهما، واللهُ أعلَمُ (١).

وذهَبَ الشافِعيةُ إلى أنَّه إنْ طرَأَ الحَيضُ في أولِ الوَقتِ وجَبَت تلك الصَّلاةُ فقط إنْ أدرَكَت قَدرَ الفَرضِ، ولا تَجبُ عليها الصَّلاةُ الثانيةُ التي تَجمعُ معها بعدَها.

ويَجبُ الفَرضُ الذي قبلَها أيضًا إنْ كانَ يُجمعُ معها وأدرَكَت قَدرَه ولم تَكنْ صَلَّته لتَمكُّنِها من فِعلِها، أي: من فِعلِ ذلك.


(١) «مجموع الفتاوى» (٢٣/ ٣٣٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>