ويَصحُّ وَقفُ المُرتدَّةِ؛ لأنها لا تُقتلُ، إلا أنْ يَكونَ على حَجٍّ أو عُمرةٍ ونحوِ ذلكَ فلا يَجوزُ، كما في شَرحِ «الوَهبانيةِ» مُلخَّصًا.
(قَولُه: فحالَ ارتِدادٍ) مَنصوبٌ على الظَّرفيةِ مُتعلِّقٌ باسمِ «لا»، وأجدَرُ-أي أحَقُّ- خبَرُها، والمعنى: لا يَكونُ الوَقفُ حالَ الرِّدةِ أحَقَّ بالبُطلانِ مِنْ الوَقفِ قبلَها، بل ذاكَ أحَقُّ بالبُطلانِ؛ لعَدمِ تَوقُّفِه، هذا ما ظهَرَ لي، فافهَمْ، واللهُ سُبحانَه أعلَمُ (١).
وقالَ الطَّرابُلسيُّ ﵀ في «الإسْعَاف»: لو وقَفَ رَجلٌ مُسلمٌ أرْضَه على المَساكينِ أو في الحَجِّ عنه في كُلِّ سَنةٍ أو الغَزوِ عنه أو في أكفانِ المَوتى أو حَفرِ القُبورِ وما أشبَهَ ذلكَ ممَّا يُتقرَّبُ به إلى اللهِ تعالى ثُمَّ ارتَدَّ وقُتلَ أو ماتَ على رِدتِه بطَلَ وَقفُه وصارَ مِيراثًا عنه؛ لحُبوطِ عَملِهِ بها، والوَقفُ قُربةٌ إلى اللهِ تعالى، فلا تَبقَى معها، وإنْ عادَ إلى الإسلامِ لا يَعودُ إلى الوَقفيةِ بمُجرَّدِ العَودِ، فإنْ ماتَ قبل أنْ يُجدِّدَ فيه الوَقفيةَ كانَ مِيراثًا عنه، ولو جعَلَها وَقفًا على وَلدِه ونَسلِه وعَقبِه ثم مِنْ بَعدِهم على المَساكينِ ثمَّ ارتَدَّ بعد ذلكَ عن الإسلامِ فماتَ أو قُتلَ عليها يَبطلُ الوَقفُ وتَرجعُ مِيراثًا.
فإنْ قِيلَ: كَيفَ يَبطلُ الوَقفُ وقد جعَلَه على قَومٍ بأعيانِهِم؟
قُلنا: يَجعلُ آخِرَه للمَساكينِ وذلكَ قُربةٌ إلى اللهِ تعالى، فلمَّا بطَلَ ما
(١) «ابن عابدين على الدر المختار» (٤/ ٣٩٩، ٤٠٠)، ويُنظَر: «البحر الرائق» (٥/ ٢٠٤)، و «النهر الفائق شرح كنز الدقائق» (٣/ ٣١٢)، و «مجمع الأنهر» (٢/ ٥٦٨)، و «الهندية» (٢/ ٣٥٤).