يَخدِمُها ويَعمُرُها كالوَقفِ عليها؛ لأنه يُرادُ لتَعظيمِها، وسَواءٌ كانَ الواقفُ مُسلمًا أو ذِميًّا.
قالَ ابنُ قُدامةَ ﵀: قالَ أحمَدُ في نَصارى وَقَفوا على البيعَةِ ضِياعًا كَثيرةً وماتوا ولهُم أبناءُ نَصارى فأسلَموا والضِّياعُ بيَدِ النَّصارى فلهم أخذُها، وللمُسلِمينَ عَونُهم حتى يَستخرِجوها مِنْ أيديهِم، وهذا مَذهبُ الشافعيِّ، ولا نَعلمُ فيه خِلافًا؛ وذلكَ لأنَّ ما لا يَصحُّ مِنْ المُسلمِ الوَقفُ عليه لا يَصحُّ مِنْ الذِّميِّ، كالوَقفِ على غَيرِ مُعيَّنٍ.
فإنْ قيلَ: فقدْ قُلتمْ: «إنَّ أهلَ الكِتابِ إذا عَقَدوا عُقودًا فاسِدةً وتَقابَضوا ثمَّ أسلَموا وتَرافَعوا إلينا لم نَنقضْ ما فَعَلوهُ»، فكيفَ أَجَزتُم الرُّجوعَ فيما وَقَفوهُ على كَنائسِهم؟
قُلنا: الوَقفُ ليس بعَقدِ مُعاوَضةٍ، وإنَّما هو إزالةُ للمِلكِ في المَوقوفِ على وَجهِ القُربةِ، فإذا لم يَقعْ صَحيحًا لم يَزُلِ المِلكُ، فيَبقى بحالِه كالعِتقِ (١).
وقالَ البُهوتيُّ ﵀: ولا يَصحُّ الوَقفُ على كَنائسَ وبُيوتِ نارٍ وبِيَعٍ وصَوامعَ ودُيورةٍ ومَصالِحِها كقَناديلِها وفُرشِها ووَقودِها وسَدَنتِها؛ لأنه مَعونةٌ على مَعصيةٍ، ولو كانَ الوَقفُ على ما ذُكِرَ مِنْ ذِميٍّ فلا يَصحُّ؛ لِما تَقدَّمَ مِنْ أنَّ ما لا يَصحُّ مِنْ المُسلمِ لا يَصحُّ مِنْ الذِّميِّ.