قالَ في «أحكَام أهلِ الذِّمةِ»: وللإمامِ أنْ يَستوليَ على كُلِّ وَقفٍ وُقِفَ على كَنيسةٍ وبَيتِ نارٍ أو بيعَةٍ ويَجعلَها على جِهةِ قُرباتٍ. انتهى
والمُرادُ إذا لم يعلَمْ وَرثةُ واقِفِها، وإلا فللوَرثةِ أخذُها كما تقدَّمَ.
بل يَصحُّ الوَقفُ على مَنْ يَنزِلُها -أي الكَنائسَ والدُّيورةَ ونحوَها- مِنْ مارٍّ ومُجتازٍ بها فقط؛ لأنَّ الوَقفَ عليهم لا على البُقعةِ، والصَّدقةُ عليهم جائِزةٌ، ولو كانَ الوَقفُ على مَنْ يَمُرُّ بها أو يَجتازُ فقط فيَصحُّ الوَقفُ.
ولا يَصحُّ الوَقفُ على اليَهودِ والنَّصارى، ولا يَصحُّ الوَقفُ على كِتابةِ التَّوراةِ والإنجيلِ ولو كانَ الوَقفُ مِنْ ذِميٍّ؛ لوُقوعِ التَّبديلِ والتَّحريفِ.
وقد رُويَ مِنْ غيرِ وَجهٍ أنَّ النبيَّ ﷺ غَضِبَ لمَّا رَأى مع عُمرَ صَحيفةً فيها شيءٌ مِنْ التَّوراةِ، وكذا كُتبُ بِدعةٍ، ووَصيةٌ كوَقفٍ في ذلكَ المَذكورِ ممَّا تقدَّمَ، فتَصحُّ فيما يَصحُّ الوَقفُ عليه، وتَبطلُ فيما لا يَصحُّ عليه (١).
وقالَ المِرداويُّ ﵀: قَولُه: (ولا يَصحُّ على الكَنائسِ وبُيوتِ النارِ) وكذا البِيَعُ، وهذا المَذهبُ وعليه الأصحابُ، ونَصَّ عليه في الكَنائسِ والبِيَعِ.
وفي «المُوجَزِ» رِوايةٌ على الكَنيسةِ والبيعَةِ كمارٍّ بهِما.
فوائدُ:
الأُولى: الذِّميُّ كالمُسلمِ في عَدمِ الصِّحةِ في ذلكَ على الصَّحيحِ مِنْ المَذهبِ، فلا يَصحُّ وَقفُ الذِّميِّ على الكَنائسِ والبيَعِ وبُيوتِ النارِ
(١) «كشاف القناع» (٤/ ٣٠٠)، و «مطالب أولي النهى» (٤/ ٢٨٣)، و «الإنصاف» (٧/ ١٥).