للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أمَّا عِمارةُ كَنائسِ غيرِ التعبُّدِ ككَنائسِ نُزولِ المارَّةِ فيَصحُّ الوَقفُ عليها، كما قالَه الزَّركَشيُّ وابنُ الرِّفعةِ وغيرُهما كالوَصيةِ (١).

وقالَ الإمامُ السُّبكيُّ : بِناءُ الكَنيسةِ حَرامٌ بالإجماعِ، وكذا تَرميمُها، وكذلكَ قالَ الفُقهاءُ: لو وَصَّى ببِناءِ كَنيسةٍ فالوَصيةُ باطلةٌ؛ لأنَّ بناءَ الكَنيسةِ مَعصيةٌ وكذا تَرميمُها، ولا فرْقَ بينَ أنْ يَكونَ المُوصي مُسلِمًا أو كافِرًا، وكذا لو وقَفَ على كَنيسةٍ كانَ الوَقفُ باطلًا، مُسلِمًا كانَ الواقفُ أو كافرًا، فبِناؤُها وإعادَتُها وتَرميمُها مَعصيةٌ، مُسلِمًا كانَ الفاعِلُ لذلكَ أو كافرًا، هذا شَرعُ النبيِّ ، وهو لازِمٌ لكلِّ مُكلَّفٍ مِنْ المُسلمينَ والكفَّارِ (٢).

وقالَ الحَنابلةُ: يَصحُّ الوَقفُ مِنْ الذِّميِّ كالمُسلمِ، بشَرطِ ألا يَكونَ مَعصيةً، ولا يَصحُّ على مَعصيةٍ كبَيتِ النَّارِ والبِيعِ والكَنائسِ وكُتبِ التَّوراةِ والإنجيلِ؛ لأنَّ ذلكَ مَعصيةٌ؛ فإنَّ هذه المَواضعَ بُنيَتْ للكُفرِ، وهذه الكُتبَ مُبدَّلةٌ مَنسوخةٌ، ولذلكَ غَضِبَ النبيُّ حينَ رَأى مع عُمرَ صَحيفةً فيها شيءٌ مِنْ التَّوراةِ وقالَ: «أَفي شَكٍّ أنتَ يا ابنَ الخطَّابِ؟! ألَمْ آتِ بها بَيضاءَ نَقيَّةً؟ لو كانَ مُوسى أخي حَيًّا ما وَسِعَه إلا اتِّباعي»، ولولا أنَّ ذلكَ مَعصيةٌ ما غَضِبَ منه، والوَقفُ على قَناديلِ البيعَةِ وفُرشِها ومَن


(١) «مغني المحتاج» (٣/ ٤٥٩)، و «نهاية المحتاج» (٥/ ٤٢٢، ٤٢٣)، و «النجم الوهاج» (٥/ ٤٦٩)، و «الديباج» (٢/ ٥١٩).
(٢) «فتاوى السبكي» (٢/ ٣٦٩، ٣٧٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>