للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واستَثنَى المالِكيةُ مِنْ عَدمِ جَوازِ الوَقفِ على الوارِثِ وقْفَ المُعقِبِ، وهي مَسألةٌ تُعرَفُ عندهُم بولَدِ الأعْيانِ.

والمعنى أنَّ الشَّخصَ إذا وقَفَ في مَرضِ مَوتِه على وَرثتِه والثُّلثُ يَحمِلُه وعَقبِه بأنْ قالَ: «هو وَقفٌ على أولادِي وأولادِ أولادي وذُرِّيتِهم وعَقبِهم»، أو وقَفَ على إخوَتِه وأولادِهِم وعَقبِهم، أو وقَفَ على إخوَتِه وأولادِ عَمِّه وعَقبِهم، أو إخوَتِه وعَقبِهم وأولادِ عَمِّهِ، وضابِطُ تلكَ المَسألةِ أنْ يَقفَ المَريضُ على وارِثٍ وغيرِ وارِثٍ وعَقبِهم، فإنه يَصحُّ حِينئذٍ إذا خرَجَ مِنْ الثُّلثِ، ولا يَبطلُ ما نابَ أولادَ الأَعيانِ؛ لتَعلُّقِ حقِّ الغَيرِ بالوَقفِ؛ لأنَّ أولادَ الأعيانِ إذا ماتوا رجَعَ الوَقفُ لأولادِهِم، فإذا صَحَّ الوَقفُ على هذا الوَجهِ كانَ ما بأيدي أولادِ الأعْيانِ وَقفًا لا مِلكًا، ويَكونُ كالميراثِ في القَسْمِ يَأخذُ الذَّكرُ مثلَ حَظِّ الأُنثيَينِ ولو شرَطَ الواقِفُ تَساويهما على المَشهورِ لا ميراثًا حَقيقيًّا، فلا يَتصرَّفونَ فيه تَصرُّفَ المِلكِ مِنْ بَيعٍ وهِبةٍ ونحوِ ذلكَ؛ لأنه بأيديهِم وَقفٌ لا مِلكٌ، ويَدخلُ في الوَقفِ جَميعُ الوَرثةِ كالأمِّ والزَّوجةِ وإنْ لم يُوقِفْ عليهم.

ومثالُ ذلكَ أنْ يَقولَ: «وَقَفتُ على أولادي -أي لصُلْبي، وهُم أولادُ الأعْيانِ- وأولادِ أولادي وعَقبِهم، أو أوقَفْتُ على وارِثٍ وعلى غيرِ وارِثٍ وعَقبِهم» صَحَّ الوَقفُ، فإنْ لم يَقُلْ: «وعلى عَقبِهم» بل قالَ: «على أولادي وأولادِ أولادي» بطَلَ على الأولادِ وصَحَّ على أولادِ الأولادِ، فالتَّعقيبُ شَرطٌ في هذه المَسألةِ كالخُروجِ مِنْ الثُّلثِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>