للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويَرى الحَنابِلةُ في مَسألةِ التَّقطُّعِ هذه -وهي الطُّهرُ بينَ الدَّمَينِ- أنَّ المَرأةَ مَتى رأتِ الطُّهرَ بينَ الدَّمَينِ فهي طاهِرةٌ، تَغتسلُ وتَلزمُها الصَّلاةُ والصَّومُ، ولم يُفرِّقوا بينَ قَليلِ الطُّهرِ وكَثيرِه؛ لقَولِ ابنِ عَباسٍ: «ما رأتِ الطُّهرَ ساعةً فلتَغتسِلْ» (١).

قالَ ابنُ قُدامةَ : ويَتوجَّهُ أنَّ انقِطاعَ الدَّمِ متى نقَصَ عن اليَومِ، فليسَ بطُهرٍ، بِناءً على الرِّوايةِ التى حَكَيناها في النِّفاسِ، وهي أنَّ النُّفَساءَ إذا رأتِ النَّقاءَ دونَ يَومٍ لا تَثبُتُ لها أَحكامُ الطاهِراتِ فيَتخرَّجُ ههنا مِثلُه، وهو الصَّحيحُ إنْ شاءَ اللهُ؛ لأنَّ الدَّمَ يَجري مَرةً ويَنقطِعُ أُخرى، وفي إِيجابِ الغُسلِ على مَنْ تَطهُرُ ساعةً حَرجٌ يَنتَفي بقَولِه: ﴿وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ﴾ [الحج: ٧٨] ولأنَّنا لو جعَلنا انقِطاعَ الدَّمِ ساعةً طُهرًا ولا تَلتفِتُ إلى ما بعدَه من الدَّمِ أفضَى إلى ألَّا يَستقرَّ لها حَيضٌ، فعلى هذا لا يَكونُ انقِطاعُ الدَّمِ أقَلَّ من يَومٍ طُهرًا إلا أنْ تَرى ما يَدلُّ عليه مِثلَ أنْ يَكونَ انقِطاعُه في آخِرِ عادَتِها أو تَرى القَصةَ البَيضاءَ ثم انقطَعَ الدَّمُ لخَمسةَ عَشرَ فما دونَ، فجَميعُه حَيضٌ تَغتسِلُ عُقَيبَ كلِّ يَومٍ وتُصلِّي في الطُّهرِ.


(١) رورواه ابن أبي شيبة في «المصنف» (١٣٦٧)، والدارمي في «سننه» (٨٠٠)، وأبو داود (٢٨٦)، وصحَّحَه الألبانِيُّ في «صَحيحِ أبي داودَ» (٢٦٤) بلَفظِ: «المُستحَاضةُ إذا رَأت الدَّمَ البَحرانِيَّ فلا تُصَلِّ، وإذا رَأت الطُّهرَ ولو ساعةً فَلتَغتَسِلْ وتُصَلِّ».

<<  <  ج: ص:  >  >>