قالَ: لا تَكونُ أرضُه هذه صَدقةً ولا وَقفًا في قَولِ أبي حَنيفةَ وقَولِنا، وفي قَولِ أبي يُوسفَ إذا قالَ:«أَرضِي هذه مَوقوفة» ولم يَزِدْ على ذلكَ فهيَ على الفُقراءِ، وقال: قَولُه: «مَوقوفةٌ» لُغةٌ جامِعةٌ للوَقفِ والفُقراءِ، ويَكونُ وَقفًا لِلمَساكينِ وهذا قَولُ عُثمانَ البَتِّيِّ.
قلتُ: ولِمَ قلتَ: إذا قالَ: «أَرضِي هذه وَقفٌ» ولمْ يَزِدْ على ذلكَ أنَّ الوَقفَ باطِلٌ وخالَفْتَ أبا يُوسفَ؟
وقالَ ابنُ الهُمامِ ﵀: لو قالَ: مَوقوفَةٌ فقط، لا تَصحُّ إلَّا عندَ أبي يُوسفَ، فإنه يَجعلُه بمُجَرَّدِ هذا اللَّفظِ وَقفًا على الفُقراءِ، وهو قَولُ عُثمانَ البَتِّيِّ، وإذا كانَ مُفيدًا لخُصوصِ المَصرِفِ -أعني الفُقراءَ- لَزمَ كونُه مُؤبَّدًا؛ لأنَّ جِهةَ الفُقراءِ لا تَنقطِعُ.
قالَ الصَّدرُ الشَّهيدُ: ومَشايخُ بَلخٍ يُفتُونَ بقَولِ أبي يُوسفَ، ونَحنُ نُفتِي بقَولِه أيضًا؛ لمَكانِ العُرفِ، وبهذا يَندفِعُ رَدُّ هِلالٍ قولَ أبي يُوسفَ بأنَّ الوَقفَ يَكونُ على الغَنيِّ والفَقيرِ ولم يُبيِّنْ فبطَلَ؛ لأنَّ العُرفَ إذا كانَ يَصرِفُه للفُقراءِ كانَ كالتَّنصيصِ عليهم، فلو قالَ:«مَوقوفةٌ على الفُقراءِ» صَحَّ عندَ هِلالٍ أيضًا؛ لزَوالِ الاحتِمالِ بالتَّنصيصِ على الفُقراءِ، بخِلافِ قَولِه:«مَحبوسةٌ، أو حَبسٌ»،