للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولو كانَ في «حَبسٌ» مِثلُ هذا العُرفِ يَجبُ أنْ يَكونَ كقولِه: «مَوقوفةٌ»، وكذا إذا قالَ: «للسَّبيلِ» إذا تَعارَفوهُ وَقفًا مُؤبَّدًا على الفُقراءِ كانَ كذلكَ، وإلا سُئِلَ، فإنْ قالَ: «أرَدتُ الوَقفَ» صارَ وَقفًا؛ لأنه مُحتمَلٌ لَفظُه (١).

وقالَ في «الإسْعَاف» أيضًا: لو قالَ: «وَقَفتُ أَرضِي هذه، أو قالَ: جَعلْتُها مَوقوفةً» ولمْ يَزِدْ عليه جازَ عندَ أبي يُوسفَ وصارَتْ وَقفًا على الفُقراءِ، وبه أفتَى مَشايخُ بَلخٍ وعليه الفتَوى؛ لأنَّ قَولَه: «وَقَفتُ» يَقتضِي إزالتَهُ إلى اللهِ تعالى ثمَّ إلى نائِبِه وهو الفَقيرُ، وذا يَقتضي التَّأبيدَ، فلا حاجةَ إلى ذِكرِه كالإعتاقِ …

ولو قالَ: «وَقَفتُ أَرضي هذه على وَلدِ زَيدٍ» أو ذكَرَ جَماعةً بأعْيانِهم لم يَصحَّ عندَ أبي يُوسفَ أيضًا؛ لأنَّ تَعيينَ المَوقوفِ عليه يَمنعُ إرادةَ غيرِه، بخِلافِ ما إذا لم يُعيِّنْ؛ لجَعلِه إيَّاه وَقفًا على الفُقراءِ، ألَا تَرى الفرقَ بينَ قَولِه: «أَرضِي هذه مَوقوفةٌ» وبينَ قولِه: «مَوقوفةٌ على وَلدِي»؟ فصحَّحَ الأوَّلَ دونَ الثَّاني؛ لأنَّ مُطلَقَ قولِه: «مَوقوفةٌ» يَنصرِفُ إلى الفُقراءِ عُرفًا، فإذا ذكَرَ الولَدَ صارَ مُقيَّدًا فلا يَبقَى العُرفُ، فظهَرَ بهذا أنَّ الخِلافَ بينَهُما في اشتِراطِ ذِكرِ التَّأبيدِ وعَدمِه إنَّما هو في التَّنصيصِ عليه أو على ما يَقومُ مَقامَه كالفُقراءِ ونحوِهم، وأمَّا التَّأبيدُ مَعنًى فشَرطٌ اتِّفاقًا على الصَّحيحِ، وقد نَصَّ عليه مُحَقِّقو المَشايخِ (٢).


(١) «شرح فتح القدير» (٦/ ٢٠٢)، و «البحر الرائق» (٥/ ٢٠٥، ٢٠٦).
(٢) «الإسعاف» (١٦، ١٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>