والثاني: وهو الأصَحُّ عندَهم أنَّ أيامَ الدَّمِ وأيامَ النَّقاءِ كلَّها حَيضٌ، ويُسمَّى هذا القَولُ (السَّحبَ)(١)، بشَرطِ أنْ يَكونَ النَّقاءُ مُحتَوشًا (مُحاطًا) بدَمَين في الخَمسةَ عَشرَ، وإلا فهو طُهرٌ بلا خِلافٍ.
وسَواءٌ كانَ التَّقطعُ يَومًا ولَيلةً دَمًا ويَومًا ولَيلةً نَقاءً، أو يَومَين ويَومَين أو خَمسةً وخَمسةً أو سِتةً وسِتةً أو سَبعةً وسَبعةً ويَومًا أو يَومًا وعَشرةً أو خَمسةً، أو يَومًا ولَيلةً دَمًا وثَلاثةَ عَشرَ نَقاءً ويَومًا ولَيلةً دَمًا أو غيرَ ذلك فالحُكمُ في الكلِّ سَواءٌ، وهو أنَّه إذا لم يُجاوِزْ خَمسةَ عَشرَ يَومًا فأَيامُ الدَّمِ حَيضٌ بلا خِلافٍ، وفي أَيامِ النَّقاءِ المُتخلِّلِ بينَ الدَّمِ القَولانِ.
قالَ النَّوويُّ: قالَ أَصحابُنا: وعلى القَولَينِ إذا رأتِ النَّقاءَ في اليَومِ الثاني عمِلَت عَملَ الطاهِراتِ بلا خِلافٍ؛ لأنَّا لا نَعلمُ أنَّها ذاتُ تَلفيقٍ، لاحتِمالٍ دَوامِ الانقِطاعِ، قالوا: فيَجبُ عليها أنْ تَغتسلَ وتَصومَ وتُصليَ ولها قِراءةُ القُرآنِ ومَسُّ المُصحفِ والطَّوافُ والاعتِكافُ وللزَّوجِ وَطؤُها ولا خِلافَ في شَيءٍ من هذا، فإذا عاوَدَها الدَّمُ في اليَومِ الثالِثِ تَبيَّنَّا أنَّها مُلفقةٌ.
فإنْ قُلنا بالتَّلفيقِ تَبيَّنَّا صِحةَ الصَّومِ والصَّلاةِ والاعتِكافِ وإِباحةِ الوَطءِ وغيرِها، وإنْ قُلنا بالسَّحبِ تَبيَّنَّا بُطلانَ العِباداتِ التي فعَلَتها في اليَومِ الثاني، فيَجبُ عليها قَضاءُ الصَّومِ والاعتِكافُ والطَّوافُ المَفعولاتُ عن واجِبٍ،
(١) السَّحبُ في اللُّغةِ: جَرُّك الشَّيءَ على وَجهِ الأرضِ كالثَّوبِ وغيرِه. والسَّحبُ عندَ الشافِعيةِ: أنْ يُعطَى النَّقاءُ المُتخلِّلُ بينَ أيامِ الحَيضِ حُكمَ الحَيضِ، وإنَّما سُمِّي بذلك لسَحبِ الحُكمِ بالحَيضِ على النَّقاءِ، فجُعلَ الكلُّ حَيضًا.