للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واعلَمْ أنه يَلزمُ ولو قالَ الواقفُ: «وليَ الخِيارُ» كما قالَ ابنُ الحاجِبِ، وبحَثَ فيهِ ابنُ عَبدِ السَّلامِ بأنه يَنبغِي أنْ يُوفَّى له بشَرطِه، كما قالوا أنه يُوفَّى له بشَرطِه إذا شرَطَ أنه إنْ تَسوَّرَ عليه قاضٍ رجَعَ له، وأنَّ مَنْ احتاجَ مِنْ المُحبَّسِ عليهِم باعَ ونحوَ ذلكَ (١).

وقالَ الشافِعيةُ: لو وقَفَ شيئًا بشَرطِ الخِيارِ لنَفسِه في إبقاءِ وَقفِه والرُّجوعِ فيه مَتى شاءَ أو شرَطَ لغيرهِ أو شرَطَ عَوْدَه إليهِ بوَجهٍ ما كأنْ شرَطَ أنْ يَبيعَه أو شرَطَ أنْ يُدخِلَ مَنْ شاءَ ويُخرِجَ مَنْ شاءَ أو في تَغييرِ شيءٍ منه بوَصفٍ أو زيادةٍ أو نَحوِ ذلكَ بطَلَ على الأظهَرِ كالبَيعِ والهِبةِ؛ لأنَّ مُقتَضى الوَقفِ اللُّزومُ، والخِيارُ يُنافي ذلكَ، فيَفسدُ بهذا الشَّرطِ.

ومُقابِلُ الصَّحيحِ: يَصِحُّ الوَقفُ ويُلغَى الشرطُ كما لو طلَّقَ على أنْ لا رَجعةَ له، وكما في حَديث العُمرَى أنه قالَ: «أَمسِكوا عَليكمْ أموالَكُم ولا تُفسِدُوها، فإنه مَنْ أعمَرَ عُمرَى فهيَ للذي أُعمِرَها حيًّا وميِّتًا ولعَقبِه» (٢)، فإنه جعَلَها للذي أُعمِرَها في حَياتِه ولوَرثتِه مِنْ بعدَ مَوتِهِ، فأزالَ مِلكَ المُعمِرِ وأبطَلَ شرْطَه.

ومَحلُّ القَولينِ إذا لم يَحكمْ حاكِمٌ بصحَّةِ الوَقفِ، فإنْ حكَمَ به صَحَّ بلا خِلافٍ ومَضَى.


(١) «حاشية الدسوقي مع الشرح الكبير» (٥/ ٤٥٥).
(٢) أخرجه مسلم (١٦٢٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>