فإنه يَجوزُ؛ لأنهُ تَعليقُ التَّوكيلِ لا تَعليقُ الوَقفِ نَفسِه؛ وهذا لأنَّ الوَقفَ بمَنزلةِ تَمليكِ الهِبةِ مِنْ المَوقوفِ عليهِ، والتَّمليكُ غيرُ الوَصيةِ لا تَتعلَّقُ بالخَطرِ.
ونَصَّ مُحمدٌ في «السَّيْر الكَبير» أنَّ الوَقفَ إذا أُضيفَ إلى ما بعدَ المَوتِ يَكونُ باطِلًا أيضًا عندَ أبي حَنيفةَ، وعلى ما عَرَفْت بأنَّ صحَّتَه إذا أُضيفَ إلى ما بعدَ المَوتِ يَكونُ باعتِبارِه وَصيةً.
وفي «المُحيط»: لو قالَ: «إنْ مِتُّ مِنْ مَرَضي هذا فقدْ وَقَفتُ أَرضي هذه» لا يَصحُّ الوَقفُ، بَرئَ أو ماتَ؛ لأنه تَعليقٌ.
وفي «الخَانيَّة»: لو قالَ: «أَرضِي بعدَ مَوتي مَوقوفةٌ سَنةً» جازَ، وتَصيرُ الأرضُ مَوقوفةً أبدًا؛ لأنه في معنَى الوَصيةِ، بخِلافِ ما إذا لمْ يُضِفْ إلى ما بعدَ المَوتِ بأنْ قالَ:«أَرضِي مَوقوفةٌ سَنةً»؛ لأنَّ ذاكَ ليسَ بوَصيةٍ، بل هو مَحْضُ تَعليقٍ أو إضافةٍ، فالحاصِلُ أنهُ على قَولِ هِلالٍ إذا شرَطَ في الوَقفِ شَرطًا يَمنعُ التَّأبيدَ لا يَصحُّ الوَقفُ. اه
وفي «التَّبيين»: لو علَّقَ الوَقفَ بمَوتِه ثُمَّ ماتَ صَحَّ ولَزمَ إذا خرَجَ مِنْ الثُّلثِ؛ لأنَّ الوَصيةَ بالمَعدومِ جَائزةٌ كالوَصيةِ بالمَنافعِ، ويَكونُ مِلكُ الواقفِ باقِيًا فيهِ حُكمًا يَتصدَّقُ منهُ دائمًا، وإنْ لم يَخرجْ مِنْ الثُّلثِ يَجوزُ بقَدرِ الثُّلثِ ويَبقى الباقي إلى أنْ يَظهرَ له مالٌ أو تُجيزَ الوَرثةُ، فإنْ لم يَظهرْ له مالٌ ولم تُجِزِ الوَرثةُ تُقسَمُ الغلَّةُ بينَهُما أثلاثًا: ثُلثُه للوقفِ وثُلثاهُ للوَرثةِ. اه (١).
(١) «البحر الرائق» (٥/ ٢٠٨)، و «ابن عابدين» (٤/ ٣٤١)، و «مجمع الأنهر» (٢/ ٥٧١)، و «الجوهرة النيرة» (٤/ ٩٨).