للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذهبَ المالِكيةُ والحَنابلةُ في قَولٍ -وهو اختِيارُ شَيخِ الإسلامِ ابنِ تَيميةَ- إلى أنه يَصحُّ تَعليقُ الوَقفِ على شَرطٍ، ولا يُشترطُ فيهِ التَّنجيزُ حِينَ وَقفيَّتِه، بل يَصحُّ إذا كانَ لأجَلِ كالعِتقِ، فإذا قالَ: «إذا جاءَ اليومُ الفُلانِيُّ، أو الشَّهرُ، أو العامُ الفلانِيُّ فدارِي مَثلًا وَقفٌ على كذا» فإنه يَلزمُ إذا جاءَ ذلكَ الأجَلُ، كما إذا قالَ لعَبدِه: «أنتَ حُرٌّ إلى أجَلِ كذا» فإنهُ يَكونُ حُرًّا إذا جاءَ الأجَلُ الذي عيَّنَه، ولا إشكالَ في لُزومِ العَقدِ بالنِّسبةِ إليهِما إذا جاءَ الأجَلُ.

فإنْ حدَثَ دَينٌ على الواقفِ أو على المُعتِقِ في ذلكَ الأجَلِ فإنه لا يَضرُّ عقْدَ العِتقِ؛ لأنَّ الشَّارعَ مُتَشوِّفٌ إلى الحُريةِ، ويَضرُّ عقْدَ الحَبسِ إذا لم يُحَزْ عن الواقفِ في ذلكَ الأجَلِ، أمَّا إنْ حِيزَ عنه أو كانَتْ مَنفعتُه لغَيرِ الواقفِ في ذلكَ الأجَلِ فإنهُ لا يَضرُّ حُدوثُ الدَّينِ، كما لو آجَرَ الدارَ في ذلكَ الأجَلِ وحازَها المُستأجِرُ أو جعَلَ مَنفعتَها لغيرهِ فخزَّنَ ذلكَ الغيرُ فيها والمِفتاحِ بيَدِه (١).

وقالَ القاضي عَبدُ الوَهَّابِ : الوَقفُ في الصِّحةِ مِنْ رأسِ المالِ، وفي المَرضِ أو الوَصيةِ مِنْ الثُّلثِ؛ لأنَّ الصَّحيحَ لا يَتعلَّقُ عليه حَجْرٌ لأحَدٍ في مالِه ولا الوارِثِ ولا غيرِه، فكانَتْ عَطاياهُ وهِباتُه مِنْ رأسِ المالِ،


(١) «الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي» (٥/ ٤٧٣، ٤٧٤)، و «مواهب الجليل» (٧/ ٤٩٢)، و «التاج والإكليل» (٤/ ٥٧٦)، و «شرح مختصر خليل» (٧/ ٩١)، و «تحبير المختصر» (٤/ ٦٥٣)، و «حاشية الصاوي» (٩/ ١٣٩)، و «الإنصاف» (٧/ ٢٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>