للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دونَ نحوِ العَرضِ عليه، ونقَلَ الزَّركشيُّ عن القاضِي أنهُ لو نجَّزَه وعلَّقَ إعطاءَه للمَوقوفِ عليه بالمَوتِ جازَ كالوَكالةِ، وعليهِ فهو كالوَصيةِ أيضًا فيما يَظهرُ (١).

أمَّا الحَنفيةُ فقالُوا: لا يَصحُّ أنْ يَكونَ الوَقفُ مُضافًا إلى ما بعدَ المَوتِ، فقدْ نَصَّ مُحمدٌ في «السَّير الكَبيرِ» أنه إذا أُضيفَ إلى ما بعدَ المَوتِ يكونُ باطِلًا عند أبي حَنيفةَ اه. إلا أنه يَكونُ وَصيةً لازِمةً مِنْ الثُّلثِ بالمَوتِ لا قبلَه.

وأمَّا لو قالَ: «إذا مِتُّ فاجعَلُوها وَقفًا» فإنه يَجوزُ؛ لأنهُ تَعليقُ التَّوكيلِ لا تَعليقُ الوَقفِ نَفسِه.

قالَ ابنُ نُجيمٍ الحَنفيُّ : والحاصِلُ أنه إذا علَّقَه بمَوتِه كما إذا قالَ: «إذا مِتُّ فقدْ وقَفْتُ دارِي على كذا» فالصَّحيحُ أنه وَصيةٌ لازِمةٌ، لَكنْ لم تَخرجْ عن مِلكِه، فلا يُتصوَّرُ التَّصرفُ فيه ببَيعٍ ونحوِه بعد مَوتِه؛ لِمَا يَلزمُ مِنْ إبطالِ الوَصيةِ، وله أنْ يَرجعَ قبلَ مَوتِه كسائرِ الوَصايا، وإنَّما يَلزمُ بعدَ مَوتِه.

وإنَّما لم يَكُنْ وَقفًا لِمَا قدَّمْنا مِنْ أنه لا يَقبلُ التَّعليقَ بالشَّرطِ، وكذا إذا قالَ: «إذا مِتُّ مِنْ مَرَضي هذا فقدْ وَقَفتُ أَرضي على كذا» فماتَ لم تَصِرْ وَقفًا، وله أنْ يَبيعَها قبلَ المَوتِ، بخِلافِ ما إذا قالَ: «إذا مِتُّ فاجعَلوها وَقفًا»


(١) «نهاية المحتاج» (٥/ ٤٣٠)، ويُنظَر: «مغني المحتاج» (٣/ ٤٦٦)، و «كنز الراغبين مع حاشية قليوبي وعميرة» (٣/ ٢٥٢)، و «النجم الوهاج» (٥/ ٤٨٧)، و «الديباج» (٢/ ٥٢٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>