وقالَ ابنُ قُدامةَ ﵀: مَسألةٌ: قالَ: (ومَن وقَفَ في مَرضِه الذي ماتَ فيه أو قالَ: «هو وَقفٌ بعد مَوتي» ولمْ يَخرجْ مِنْ الثُّلثِ وُقِفَ منه بقَدرِ الثُّلثِ إلا أنْ تُجيزَ الوَرثةُ).
وجُملتُه أنَّ الوَقفَ في مَرضِ المَوتِ بمَنزلةِ الوَصيةِ في اعتِبارِه مِنْ ثُلثِ المالِ؛ لأنه تَبرعٌ، فاعتُبِرَ في مَرضِ المَوتِ مِنْ الثُّلثِ كالعِتقِ والهِبةِ، وإذا خرَجَ مِنْ الثلثِ جازَ مِنْ غيرِ رِضا الوَرثةِ ولَزمَ، وما زادَ على الثلثِ لَزمَ الوَقفُ منه في قَدرِ الثلثِ، ووُقفَ الزائِدُ على إجازةِ الوَرثةِ، لا نَعلمُ في هذا خِلافًا عند القائِلينَ بلُزومِ الوَقفِ؛ وذلك لأنَّ حقَّ الوَرثةِ تَعلَّقَ بالمالِ بوُجودِ المَرضِ، فمُنعَ التَّبرعُ بزيادةٍ على الثلثِ كالعَطايا والعِتقِ.
فأمَّا إذا قالَ:«هو وَقفٌ بعد مَوتي» فظاهِرُ كَلامِ الخِرقيِّ أنه يَصحُّ، ويُعتبَرُ مِنْ الثُّلثِ كَسائرِ الوَصايا، وهو ظاهرُ كلامِ الإمامِ أحمدَ.
وقالَ القاضِي: لا يَصحُّ هذا؛ لأنهُ تَعليقٌ للوَقفِ على شَرطٍ، وتَعليقُ الوَقفِ على شَرطٍ غيرُ جائزٍ؛ بدَليلِ ما لو علَّقَه على شَرطٍ في حَياتِه، وحمَلَ كَلامَ الخِرقيِّ على أنه قالَ:«قِفُوا بعد موتي»، فيكونُ وَصيةً بالوَقفِ لا
(١) «المغني» (٥/ ٣٦٥، ٣٦٦)، و «الشرح الكبير» (٦/ ١٩٨، ١٩٩)، و «المبدع» (٥/ ٣٢٣)، و «الإنصاف» (٧/ ٢٣)، وشرح منتهى الإرادات» (٤/ ٣٤٣)، و «كشاف القناع» (٤/ ٣٠٤، ٣٠٥)، و «الروض المربع» (٢/ ١٧٢)، و «مطالب أولي النهى» (٤/ ٢٩٢)، و «منار السبيل» (٢/ ٣٢٧)، و «العقود» لشيخ الإسلام ابن تيمية ص (٣٠١).