للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بأصلِهِ لا يُباعُ ولا يُوهبُ ولا يُورثُ، ولكنْ يُنفَقُ ثَمرُه، فتَصدَّقَ به عُمرُ، فصَدَقتُه ذلكَ في سبيلِ اللَّهِ وفي الرِّقابِ والمَساكينِ والضَّيفِ وابن السَّبيلِ ولِذي القُربى، ولا جُناحَ على مَنْ وَلِيَهُ أنْ يَأكلَ منه بالمَعروفِ أو يُؤكِلَ صَديقَه غيرَ مُتمَوِّلٍ به» (١)، وهذا يَدلُّ على أنَّ قَولَ: «تَصدَّقْ بأصلِه لا يُباعُ ولا يُوهبُ ولا يُورثُ، ولكنْ يُنفَقُ ثَمرُه» مِنْ كلامِ النبيِّ وليس مِنْ قولِ عمرَ .

وفي رِوايةٍ: «احبِسْ أصْلَها وسبِّلْ ثَمرتَها» (٢)، وهذا يَقتضِي أنْ يَجعلَه مَحبوسًا يُقطعُ التَّصرفُ فيه بالبَيعِ ونَقلِه عمَّا هو عليه.


(١) «صحيح البخاري» (٢٦١٣) قالَ الحافِظُ ابنُ حَجرٍ في «فَتْح البَارِي» (٥/ ٤٠١): قالَ السُّبكيُّ: اغتَبَطتُ بما وقَعَ في رِوايةِ يَحيى بنِ سَعيدٍ عن نافعٍ عندَ البَيهقيِّ: «تَصدَّقْ بثَمرِه وحبِّسْ أصلَه لا يُباعُ ولا يُورَثُ»، وهذا ظاهرُه أنَّ الشرطَ مِنْ كَلامِ النبيِّ ، بخِلافِ بَقيةِ الرِّواياتِ؛ فإنَّ الشرطَ فيها ظاهرُه أنه مِنْ كَلامِ عُمرَ، قلتُ: قد تَقدَّمَ قبلَ خَمسةِ أبوابٍ مِنْ طَريقِ صَخرِ بنِ جُويريةَ عن نافعٍ بلَفظِ: فقالَ النبيُّ : «تَصدَّقْ بأصلِه لا يُباعُ ولا يُوهَبُ ولا يُورَثُ، ولكنْ يُنفَقُ ثَمرُه»، وهي أتَمُّ الرواياتِ وأصرَحُها في المَقصودِ، فعَزْوُها إلى البُخاريِّ أَولى، وقد علَّقَه البُخاريُّ في المُزارَعةِ بلفظِ: قالَ النبيُّ لعُمرَ: «تَصدَّقْ بأصلِه لا يُباعُ ولا يُوهَبُ، ولكنْ لِيُنفقْ ثَمرُه، فتَصدَّقَ به»، وحَكيتُ هناكَ أنَّ الداوُديَّ الشارحَ أنكَرَ هذا اللفظَ، ولم يَظهرْ لي إذْ ذاكَ سَببُ إنكارِه، ثُمَّ ظهَرَ لي أنه بسَببِ التصريحِ برَفعِ الشرطِ إلى النبيِّ ، على أنه ولو كانَ الشرطُ مِنْ قَولِ عُمرَ فما فعَلَه إلَّا لِما فَهِمَه مِنْ النبيِّ حيثُ قالَ له: «احبِسْ أصْلَها وسَبِّلْ ثَمرتَها».
(٢) رواه النسائي (٣٦٠٣)، وابن ماجه (٢٣٩٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>