للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ولقَولِه : «وأمَّا خالِدٌ فإنَّكُم تَظلِمونَ خالِدًا، قد احتَبسَ أَدراعَه وأَعتُدَهُ في سَبيلِ اللهِ» (١).

وقالَ جابرٌ : «ما بَقِيَ أحدٌ مِنْ أصحابِ رَسولِ اللهِ له مَقدِرةٌ إلا وقَفَ وَقفًا».

قالَ ابنُ قُدامةَ : وهذا إجماعٌ منهُم؛ فإنَّ الذي قَدرَ منهُم على الوَقفِ وَقَفَ، واشتَهرَ ذلكَ فلمْ يُنكِرهُ أحَدٌ فكانَ إجماعًا (٢).

وقالَ الشافِعيُّ في القَديمِ: بَلغَني أنَّ ثَمانينَ صَحابيًّا مِنْ الأنصارِ تَصدَّقوا بصَدَقاتٍ مُحرَّماتٍ.

والشافِعيُّ يُسَمِّي الأوقافَ الصَّدقاتِ المُحرَّماتِ (٣).

وقالَ ابنُ رُشدٍ : فالأَحباسُ-أي الأَوقافُ- سُنَّةٌ قائِمةٌ عَمِلَ بها النَّبيُّ والمُسلمونَ مِنْ بَعدِهِ.

وقد قيلَ لمالِكٍ: إنَّ شُريحًا كانَ لا يَرى الحَبسَ ويقولُ: «لا حَبسَ عن فرائِضِ اللهِ» فقالَ مالِكٌ: تَكلَّمَ شُريحٌ ببلادِه ولم يَرِدِ المَدينةَ فيَرى آثارَ الأكابرِ مِنْ أزواجِ النبيِّ وأصحابِه والتَّابعينَ بعدَهُم هَلُمَّ جَرًّا إلى اليَومِ؛ وما حَبَسوا مِنْ أموالِهِم لا يَطعنُ فيه طاعِنٌ، وهذه صَدَقاتُ النبيِّ سَبعةُ حَوائطَ، ويَنبَغي للمَرءِ أنْ لا يَتكلَّمَ إلا فيما أحاطَ به خُبْرًا.


(١) أخرجه البخاري (١٣٩٩)، ومسلم (٩٨٣).
(٢) «المغني» (٥/ ٣٤٩).
(٣) «مغني المحتاج» (٣/ ٤٥٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>