للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وفي لَفظِ التِّرمذيِّ: عن أبي عَبدِ الرَّحمنِ السُّلَميِّ قالَ: «لمَّا حُصِرَ عُثمانُ أشرَفَ عليهم فوقَ دارِه، ثمَّ قالَ: أُذكِّرُكُم باللَّهِ، هل تَعلمونَ أنَّ حِراءَ حينَ انتَفضَ قالَ رسولُ اللَّهِ : «اثبُتْ حِراءُ فليسَ عليكَ إلا نَبيٌّ أو صِدِّيقٌ أو شَهيدٌ»؟ قالوا: نعم، قالَ: أُذكِّرُكُم باللَّهِ، هل تَعلمونَ أنَّ رَسولَ اللَّهِ قالَ في جَيشِ العُسرةِ: «مَنْ يُنْفِقُ نَفقةً مُتقبَّلةً» والناسُ مُجهَدونَ مُعسِرُونَ، فجَهَّزتُ ذلكَ الجَيشَ؟ قالوا: نعم، ثُمَّ قال: أُذكِّرُكم باللهِ، هل تعلَمونَ أنَّ بئرَ رُومةَ لم يَكنْ يَشربُ منها أحَدٌ إلا بثَمنٍ فابتَعتُها فجَعلتُها للغنيِّ والفَقيرِ وابنِ السَّبيلِ؟ قالوا: اللَّهُمَّ نعمْ، وأشياءَ عدَّدَها» (١).

وعن أبي هُريرةَ أنَّ رَسولَ اللَّهِ قال: «إذا ماتَ ابنُ آدَمَ انقَطعَ عَملُه إلا مِنْ ثَلاثٍ: صَدقةٍ جارِيةٍ، أو عِلمٍ يُنتفَعُ به، أو وَلَدٍ صالِحٍ يَدعُو له» (٢).

والصَّدقةُ الجارِيةُ مَحمولةٌ عند العُلماءِ على الوَقفِ، فإنَّ غيرَه مِنْ الصَّدقاتِ ليسَتْ جارِيةً، بل يَملِكُ المُتصدَّقُ عليه أعيانَها ومَنافعَها ناجِزًا، وأمَّا الوَصيةُ بالمَنافعِ -وإنْ شَمِلَها الحَديثُ- فهي نادِرةٌ، فحَملُ الصَّدقةِ في الحَديثِ على الوَقفِ أَولى (٣).


(١) رواه الترمذي (٣٦٩٩)، وقالَ: حَديثٌ حَسنٌ صَحيحٌ غَريبٌ.
(٢) أخرجه مسلم (١٦٣١).
(٣) «مغني المحتاج» (٣/ ٤٥٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>