للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأمَّا الحَنابِلةُ؛ فقالَ منهم ابنُ قُدامةَ : الحالُ الثَّالثةُ أنْ يَختلِفا في التَصرُّفِ فيَقولَ الوَكيلُ: بِعتُ الثَّوبَ وقَبَضتُ الثَّمنَ، فتَلِفَ، فيَقولَ المُوكِّلُ: لَم تَبِعْ، ولَم تَقبِضْ، أو يَقولَ: بِعتَ ولَم تَقبِضْ شَيئًا، فالقَولُ قَولُ الوَكيلِ، ذكَره ابنُ حامِدٍ، وهو قَولُ أصحابِ الرَّأْيِ؛ لأنَّه يَملِكُ البَيعَ والقَبضَ، فيُقبَلُ قَولُه فيهِما، كما يُقبَلُ قَولُ وَليِّ المَرأةِ المُجبَرةِ على النِّكاحِ في تَزويجِها.

ويُحتمَلُ ألَّا يُقبَلَ قَولُه، وهو أحَدُ القولَيْنِ لِأصحابِ الشَّافِعيِّ؛ لأنَّه يُقِرُّ بحَقٍّ لِغيرِه على مُوكِّلِه، فلَم يُقبَلْ، كما لو أقَرَّ بدَيْنٍ عليه.

وإنْ وُكِّلَ في شِراءِ عَبدٍ فاشتَراه واختَلَفا في قَدْرِ ما اشتَراه به، فقالَ: اشترَيتُه بألْفٍ، وقالَ: بَلِ اشترَيتَه بخَمسِمِئةٍ، فالقَولُ قَولُ الوَكيلِ؛ لِمَا ذَكَرناه.

وقالَ القاضي : القَولُ قَولُ المُوكِّلِ، إلَّا أنْ يَكونُ عيَّنَ له الشِّراءَ بما ادَّعاه، فقالَ: اشتَرِ لي عَبدًا بألْفٍ، فادَّعى الوَكيلُ أنَّه اشتَراه بذلك، فالقَولُ قَولُ الوَكيلِ إذًا، وإلَّا فالقَولُ قَولُ المُوكِّلِ؛ لأنَّ مَنْ كانَ القَولُ قوله في أصْلِ شَيءٍ كانَ القَولُ قوله في صِفَتِه، ولِلشَّافِعيِّ قَولانِ كَهَذَيْنِ الوَجهَيْنِ.

وقالَ أبو حَنيفةَ: إنْ كانَ الشِّراءُ في الذِّمةِ فالقَولُ قَولُ المُوكِّلِ؛ لأنَّه غارِمٌ مُطالَبٌ بالثَّمنِ، وإنِ اشترَى بعَينِ المالِ، فالقَولُ قَولُ الوَكيلِ، لِكَونِه الغارِمَ؛ فإنَّه يُطالِبُه بَرَدِّ ما زادَ على الخَمسمِئةِ.

ولَنا: أنَّهما اختَلَفا في تَصرُّفِ الوَكيلِ، فكانَ القَولُ قوله، كما لو اختَلَفا

<<  <  ج: ص:  >  >>