للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دَليلُنا: أنَّه تَصرُّفٌ فوَّضه إلى اثنَيْنِ، فلَمْ يَكُنْ لِأحَدِهِما أنْ يَنفَرِدَ به، كالبَيعِ (١).

وقالَ الحَنابِلةُ في المَذهبِ: إذا وَكَّل شَخصٌ اثنَيْنِ، واحِدًا بعدَ آخَرَ، ولَم يُصَرِّحْ بعَزلِ الأوَل، أو وكَّلهما معًا لَم يَجُزْ لِأحَدِهِما الِانفِرادُ بالتَصرُّفِ؛ لأنَّ المُوكِّلَ لَم يُفَوِّضْه إليه وَحدَه، وكذا النَّاظِرانِ والوَصِيَّانِ.

وقيلَ: لا يَجوزُ لِأحَدِهِما الِانفِرادُ بالتَصرُّفِ إلَّا في الخُصومةِ، قالَ المِرداوِيُّ: وهو الصَّوابُ (٢).

وإنْ جعَل لِكُلِّ واحِدٍ مِنهُما الِانفِرادَ بالتَصرُّفِ، فلكلٍّ مِنهُما الِانفِرادُ، أو جعَله لِواحِدٍ بعَينِه مِنهُما، يَكونُ له الِانفِرادُ به.

وإنْ غابَ أحَدُ الوَكيلَيْنِ ولَم يَكُنِ المُوكِّلُ جعَل لكلٍّ مِنهُما الِانفِرادَ لَم يَكُنْ لِلآخَرِ الحاضِرِ أنْ يَتصرَّفَ في غَيبةِ رَفيقِه، وليسَ لِلحاكِمِ ضَمُّ أمينٍ إليه لِيَتصرَّفا معًا، وفارَقَ ما لو ماتَ أحَدُ الوَصِيَّينِ، حيثُ يُضيفُ الحاكِمُ إلى الوَصِيِّ أمينًا لِيَتصرَّفَ؛ لِكَونِ الحاكِمِ له النَّظرُ؛ فإنَّ له النَّظرَ في حَقِّ المَيِّتِ واليَتيمِ، ولِهذا لو لَم يُوصِ إلى أحَدٍ أقامَ الحاكِمُ أمينًا في النَّظرِ لِليَتيمِ، بخِلافِ المُوكِّلِ؛ فإنَّه رَشيدٌ جائِزُ التَصرُّفِ، لا وِلايةَ لِلحاكِمِ عليه.


(١) «البيان» (٦/ ٤١٣، ٤١٤)، و «المهذب» (١/ ٣٥١)، و «تكملة المجموع» (١٤/ ١١٣، ١١٤).
(٢) «الإنصاف» (٥/ ٣٧٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>