للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإنْ حضَر عندَ الحاكِمِ أحَدُ الوَكيلَيْنِ والوَكيلُ الآخَرُ غائِبٌ عن البَلَدِ أوِ المَجلِسِ، فادَّعى الوَكيلُ الحاضِرُ الوَكالةَ له ولِرَفيقِه الغائِبِ، أقامَ بيِّنةً بدَعْواه سمِعها الحاكِمُ وحَكَمَ بثُبوتِ الوَكالةِ لهما، ولَم يَملِكِ الحاضِرُ التَصرُّفَ وَحدَه؛ لِمَا تَقدَّم؛ فإذا حضَر الوَكيلُ الآخَرُ تصرَّفَا معًا، ولا يَحتاجُ إلى إقامةِ بيِّنةٍ، وجازَ الحُكمُ المُتقدِّمُ لِلغائِبِ، تَبَعًا لِلحاضِرِ، كما يَجوزُ أنْ يَحكُمَ بالوَقفِ الذي ثَبَتَ لمَن لَم يُخلَقْ لِأجْلِ مَنْ يَستحقُّه في الحالِ، وإنْ جَحَدَ الغائِبُ الوَكالةَ أو عزَل نَفْسَه لَم يَكُنْ لِلآخَرِ أنْ يَتصرَّفَ؛ لأنَّ المُوكِّلَ لَم يَرضَ تَصرُّفَ أحَدِهِما مُنفَرِدًا، بدَليلِ إضافةِ الغيرِ إليه، كما سبَق (١).

وقالَ ابنُ قُدامةَ : وإذا وكَّل وَكيلَيْنِ في تَصرُّفٍ، وجعَل لِكُلِّ واحِدٍ الِانفِرادَ بالتَصرُّفِ فله ذلك؛ لأنَّه مَأْذونٌ له فيه؛ فَإنْ لَم يُجعَلْ له ذلك فليسَ لِأحَدِهِما الِانفِرادُ بهِ؛ لأنَّه لَم يَأذَنْ له في ذلك، وإنَّما يَجوزُ له ما أَذِنَ فيه مُوكِّلُه، وبِهذا قالَ الشَّافِعيُّ وأصحابُ الرَّأْيِ: وإنْ وكَّلهما في حِفظِ مالِه حَفِظاه معًا في حِرزٍ لهما؛ لأنَّ قوله: افعَلَا كذا يَقتَضي اجتِماعَهما على فِعلِه، وهو ممَّا يُمكِنُ، فتَعلَّق بهِما، وفارَقَ هذا قوله: بِعتُكُما، حيثُ كانَ مُنقَسِمًا بينَهما؛ لأنَّه لا يُمكِنُ كَونُ المِلْكِ لهما على الِاجتِماعِ، فانقَسَمَ بينَهما.

فَإنْ غابَ أحَدُ الوَكيلَيْنِ لَم يَكُنْ لِلآخَرِ أنْ يَتصرَّفَ، ولا لِلحاكِمِ ضَمُّ


(١) «الشرح الكبير» (٥/ ٢١٩، ٢٢٠)، و «المبدع» (٤/ ٣٦٦)، و «الإنصاف» (٥/ ٣٧٥)، و «كشاف القناع» (٣/ ٥٥١، ٥٥٢)، و «مطالب أولي النهى» (٤/ ٥٣٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>