وقالَ المالِكيَّةُ: المُوكِّلُ إذا وكَّل اثنَيْنِ فأكثَرَ على شَيءٍ، إمَّا أنْ يُوكِّلَهُما معًا في آنٍ واحِدٍ، فلا يَجوزَ لِأحَدِهِما الِاستِبدادُ بالتَصرُّفِ إلَّا إذا شرَط لهما المُوكِّلُ الِاستِبدادَ.
وأمَّا أنْ يُوكِّلَهُما على التَّعاقُبِ، فيَجوزَ لِكُلِّ واحِدٍ مِنْ الوَكيلَيْنِ على مالٍ مِنْ بَيعٍ أو شِراءٍ أو اقتِضاءِ دَيْنٍ ونحوِه، كَطَلاقٍ وعِتقٍ وإبراءٍ وهِبةٍ ووَقْفٍ -غيرِ الخُصومةِ، كما تَقدَّم مُفَصَّلًا- الِاستِبدادُ والتَصرُّفُ بما يَفعَلُه دونَ الآخَرِ، وسَواءٌ علِم الثَّاني بالأوَل أو لا، إلَّا لِشَرطٍ مِنْ المُوكِّلِ ألَّا يَستَبِدَّ، فليسَ له استِقلالٌ بالتَصرُّفِ، ولا بدَّ مِنْ مُشاوَرةِ الآخَرِ، كما إذا وُكِّلَا في آنٍ واحِدٍ.
وأمَّا الوَصِيَّانِ فلا يَستَقِلُّ أحَدُهما بالتَصرُّفِ، ولو تَرَتَّبَا؛ لأنَّ الإيصاءَ إنَّما يَكونُ عندَ المَوتِ، فلَا أثَرَ لِلتَّرتيبِ الواقِعِ قبلَه، ولِتَعَذُّرِ النَّظرِ مِنْ المُوصَى في الرَّدِّ دونَ المُوكِّلِ، إنْ ظهَر مِنه على أمْرِ عزَله (١).
وأمَّا الشَّافِعيَّةُ؛ فقالَ العِمرانيُّ ﵀: وإنْ وكَّل وَكيلَيْنِ في تَصرُّفٍ، كالبَيعِ، والإجارةِ، وما أشبَهَهُما، نُظرتْ:
(١) «الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي» (٥/ ٧٦)، و «التاج والإكليل» (٤/ ٢١٥)، و «مواهب الجليل» (٧/ ١٧٤)، و «تحبير المختصر» (٤/ ٢٩٧)، و «شرح مختصر خليل» (٦/ ٨٢)، و «منح الجليل» (٦٤٠٥).