للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإنْ كانَ ما وُكِّلَ فيه يُمكِنُه التَّفرُّدُ بعَملِه، وكانَتْ عادَتُه جارِيةً بعَملِه كَرَجُلٍ وُكِّلَ في الخُصومةِ، وهو مِنْ أهلِها، أو وُكِّلَ في عَقدِ البَيعِ، وهو ممَّن يَصحُّ مِنه العَقدُ، أو وُكِّلَ في اقتِضاءِ دَيْنٍ أو مُقاسَمةِ خَليطٍ، وهو مِنْ أهلِ القِسمةِ وأصحابِ الِاقتِضاءِ، فلا يَخلو المُوكِّلُ مَعه مِنْ حالاتٍ ثَلاثٍ:

الأُولى: أنْ يَنهاه في عَقدِ وَكالَتِه عن تَوكيلِ غيرِه، فلا يَجوزُ له مَع النَّهيِ أنْ يُوكِّلَ غيرَه؛ فَإنْ فَعلَ كانَ تَوكيلُه باطِلًا، وهذا مُتفَقٌ عليه.

والحالُ الثَّانيةُ: أنْ يَأذَنَ له في عَقدِ وَكالَتِه في تَوكيلِ غيرِه واستِنابَتِه، فهذا على ضَربَينِ:

أحَدُهما: أنْ يَنصِبَه على تَوكيلِ رَجُلٍ بعَينِه، فليسَ لِلوَكيلِ تَوكيلُ غيرِه، وسَواءٌ كانَ مَنْ عيَّن المُوكِّلُ عليه أمينًا عَدلًا، أو كانَ خائِنًا فاسِقًا؛ لأنَّ اختِيارَ المُوكِّلِ واقِعٌ عليه.

والضَّربُ الآخَرُ: ألَّا يَنصِبُه على تَوكيلِ رَجُلٍ بعَينِه، وأنْ يَقولَ: قَدْ جَعَلتُ إلَيكَ الخِيارَ، فوكِّلْ مَنْ رَأيتَ، فعلى الوَكيلِ إذا أرادَ التَّوكيلَ أنْ يَختارَ ثِقةً أمينًا كافيًا فيما يُوَكَّلُ فيه، فإنْ وكَّل خائِنًا فاسِقًا لَم يَجُزْ؛ لأنَّه ممَّا لا يُرَى تَوكيلُ مِثلِه، فلَو وكَّل ثِقةً أمينًا صَحَّ تَوكيلُه، فإنْ حَدَثَ فِسقُه وطَرَأتْ خِيانَتُه فهَل يَجوزُ له عَزلُه قبلَ استِئذانِ المُوكِّلِ في عَزلِه أو لا؟ على وَجهَيْنِ:

أحَدُهما: ليسَ له عَزلُه إلَّا بتَوكيلِ غيرِه حتى يَستأذِنَ في عَزلِه.

<<  <  ج: ص:  >  >>