بَيعَه في إحداهما، فلَولَا أنَّ عُروةَ قَدْ ملَك إحداهُما لَمَا صَحَّ بَيعُه فيها؛ إذْ لو ملَكهما النَّبيُّ ﷺ لَمَا صَحَّ بَيعُ عُروةَ لِإحداهُما بغيرِ إذْنِه، ولأنَّ المُوكِّلَ أَذِنَ له في ابتِياعِ شاةٍ، فملَكها، ولَم يَأذَن له في ابتِياعِ الأُخرَى، فلَمْ يَملِكْها.
فَإذا قُلنا بهذا كانَ المُوكِّلُ بالخِيارِ بينَ أنْ يَأخُذَ إحداهُما بنِصفِ دِينارٍ، ويَرجِعَ على الوَكيلِ بنِصفِ دِينارٍ، وبينَ أنْ يَأخُذَهُما جَميعًا بالدِّينارِ؛ لأنَّه إذا جازَ لِلشَّفيعِ أنْ يَنتَزِعَ مِلْكَ المُشتَرِي بالثَّمنِ بغيرِ اختِيارِه لِاشتِراكِهِما في المِلْكِ، فلَأنْ يَجوزَ لِلمُوكِّلِ أنْ يَنتَزِعَ مِلْكَ الوَكيلِ الذي أضافَ ابتِياعَه، والعَقدُ فيه إليه أَوْلَى وأحرَى.
وأمَّا إذا كانَتْ إحدَى الشَّاتَيْنِ تُساوي دِينارًا، والأُخرَى لا تُساوي دِينارًا ففيه وَجهانِ، حَكاهُما ابنُ الصَّبَّاغِ:
أحَدُهما: لا يَصحُّ الشِّراءُ في حَقِّ المُوكِّلِ في واحِدةٍ مِنهُما؛ لأنَّه أَذِنَ له في شِراءِ شاةٍ تُساوي دِينارًا، فلا يَقَعُ له غيرُها.
والآخَرُ: يَصحُّ، وهو الأقْيَسُ، ولَم يَذكُرْ في «المَجموعِ» وَ «الفُروعِ» غيرَ هذا؛ لأنَّه قَدْ وجَد المَأْذونَ فيه، وزِيادةً.
فَإنْ قُلنا: أنَّهما لِلمُوكِّلِ، فباعَ الوَكيلُ التي تُساوي دِينارًا لَم يَصحَّ بَيعُه لها، وَجْهًا واحِدًا؛ لأنَّه لا يَحصُلُ لِلمُوكِّلِ غَرَضُه، وإنْ باعَ التي لا تُساوي دِينارًا فهَل يَصحُّ بَيعُهُ؟ على الوَجهَيْنِ الأوَّلَيْنِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute