وهذا بخِلافِ ما إذا وكَّله أنْ يُزوِّجَه امرَأةً مُعيَّنةً، حيثُ جازَ له أنْ يَتزوَّج بها؛ لأنَّ النِّكاحَ الذي أتَى به الوَكيلُ غيرُ داخِلٍ تَحتَ أمْرِهِ؛ لأنَّ الدَّاخِلَ تَحتَ الوَكالةِ نِكاحٌ مُضافٌ إلى المُوكِّلِ، فكانَ مُخالِفًا بإضافَتِه إلى نَفسِه، فانعزَل، وفي الوَكالةِ بالشِّراءِ الدَّاخِلِ فيها شِراءٌ مُطلَقٌ غيرُ مُقيَّدٍ بالإضافةِ إلى أحَدٍ، فكلُّ شَيءٍ أتَى به لا يَكونُ مُخالِفًا به؛ إذْ لا يُعتبَرُ في المُطْلَقاتِ إلَّا ذاتُه دونَ صِفاتِه، فيَتَناوَلُ الذَّاتَ على أيِّ صِفةٍ كانَتْ، فيَكونُ مُوافِقًا بذلك حتى لو خالَفَ مُقتَضَى كَلامِ الآمِرِ في جِنسِ الثَّمنِ أو قَدْرِه، كانَ مثلَه.
وهذا فيما لو اشتَراه بالنُّقودِ، أو بما سمَّى له مِنْ الثَّمنِ.
فأمَّا لو اشتَراه بغيرِ النُّقودِ الدَّراهِمِ والدَّنانيرِ، إذا لَم يَكُنِ الثَّمنُ مُسَمًّى، أو بخِلافِ ما سمَّى له مِنْ الثَّمنِ، سَواءٌ كانَتِ المُخالَفةُ في الجِنسِ أوِ القَدْرِ، أو وكَّل وَكيلًا بشِرائِه، فاشترَى الثَّاني وهو غائِبٌ، يَثبُتُ المِلْكُ لِلوَكيلِ الأوَل في هذه الوُجوهِ؛ لأنَّه خالَفَ أمْرَ الآمِرِ، فيُنَفَّذُ عليه؛ لأنَّ الوَكيلَ بالشِّراءِ لا يَجوزُ له أنْ يَشترِيَ إلَّا بالدَّراهِمِ والدَّنانيرِ؛ لأنَّه المَعروفُ، والمَعروفُ كالمَشروطِ.
وقالَ زُفَرُ ﵀: إذا اشتَراه بكَيلِيٍّ أو وَزنِيٍّ يَقَعُ لِلمُوكِّلِ؛ لأنَّه شِراءٌ مِنْ كلِّ وَجهٍ لِتَعلُّقِه بالذِّمةِ، كالنَّقدَيْنِ، بخِلافِ ما إذا اشتَراه بعَيْنٍ لا يَثبُتُ في الذِّمةِ؛ لأنَّه بَيعٌ مِنْ وَجهٍ، شِراءٌ مِنْ وَجهٍ.
قالَ الموصِليُّ ﵀: ولَنا أنَّه يَنصَرِفُ إلى المُتَعارَفِ عندَ الإطلاقِ،