للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالَ صاحِبُ «الشامِل»: قدَّرَه بعضُ أَصحابِنا بلُمعةٍ، وهذه الأَقوالُ في دَمِ غيرِه من آدَميٍّ وحَيوانٍ آخَرَ، وأمَّا دَمُ نَفسِه فضَربانِ، أحدُهما: ما يَخرجُ من بَثرةٍ (١)، من دَمٍ وقَيحٍ وصَديدٍ فله حُكمُ دَمِ البَراغيثِ بالاتِّفاقِ، يُعفَى عن قَليلِه قَطعًا، وفي كَثيرِه الوَجهان أصَحُّهما العَفوُ، فلو عصَرَ بَثرةً فخرَجَ منها دَمٌ قَليلٌ عُفيَ عنه على أصَحِّ الوَجهَينِ، وهما كالوَجهَينِ السابِقَينِ في دَمِ القَملةِ ونَحوِها إذا عصَرَه في ثَوبٍ أو بَدنِه.

الضَّربُ الثاني: ما يَخرجُ منه لا مِنْ البَثراتِ بل من الدَّمامِلِ والقُروحِ ومَوضِعِ الفَصدِ والحِجامةِ وغيرِها، وفيه طَريقانِ:

أحدُهما: أنَّه كدَمِ البَراغيثِ والبَثراتِ فيُعفَى عن قَليلِه، وفي كَثيرِه الوَجهان، قالَ الرافِعيُّ: هذا مُقتَضى كَلامِ الأكثَرينِ.

والثاني: وهو الأصَحُّ واختارَه ابنُ كَجٍّ والشَّيخُ أبو مُحمدٍ وإمامُ الحَرمَين: وهو ظاهِرُ كَلامِ المُصنفِ وسائِرِ العِراقيِّين أنَّه كدَمِ الأجنَبيِّ.

قالَ أَصحابُنا: وقَيحُ الأجنَبيِّ وصَديدُه وسائِرِ الحَيوانِ كدَمِ ذلك الحَيوانِ، ثم الجُمهورُ أطلَقوا الكَلامَ في الدِّماءِ على ما سبَقَ، وقيَّدَ صاحِبُ البَيانِ الخِلافَ في العَفوِ بغيرِ دَمِ الكَلبِ والخِنزيرِ، وما توَلَّد من أحدِهما، وأشارَ إلى أنَّه لا يُعفَى عن شَيءٍ منه بلا خِلافٍ، قالَ البَغويُّ: وحُكمُ وَنيمِ الذُّبابِ وبَولِ الخُفاشِ حُكمُ الدَّمِ لتَعذُّرِ الاحتِرازِ.


(١) خُراجٌ صَغيرٌ.

<<  <  ج: ص:  >  >>