للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في الرَّوثِ: «إنَّه رِجسٌ» والأَخثاءُ مِثلُه، وعندَهما مُخففةٌ لعُمومِ البَلوى به، ووُقوعِ الاختِلافِ فيه (١).

وقالَ الإمامُ مالِكٌ: قَليلُ النَّجاساتِ وكَثيرُها سَواءٌ، إلا الدَّمَ فقَليلُه مَعفوٌّ عنه، وعنه في دَمِ الحَيضِ رِوايتانِ، قالَ ابنُ رُشدٍ: الأشهَرُ مُساواتُه لسائِرِ الدِّماءِ (٢).

وحَدُّ القِلةِ والكَثرةِ عندَهم هو قَدرُ الدِّرهمِ البَغليِّ.

قالَ في «الشَّرحِ الصَّغيرِ»: (وقَدرُ دِرهمٍ من دَمٍ وقَيحٍ وصَديدٍ) أي: يُعفَى عن قَدرِ الدِّرهمِ البَغليِّ وهو الدائِرةُ السَّوداءُ الكائِنةُ في ذِراعِ البَغلِ فدونَها (٣).

وعندَ الشافِعيةِ؛ قالَ الشِّيرازيُّ : النَّجاسةُ ضَربانِ: دِماءٌ وغيرُ دِماءٍ، فأمَّا غيرُ الدِّماءِ فيُنظرُ فيه؛ فإنْ كانَ قَذرًا يُدركُه الطَّرفُ -أي: البَصرُ- لم يُعفَ عنه؛ لأنَّه لا يَشقُّ الاحتِرازُ منه، وإنْ كانَ قَذرًا لا يُدركُه الطَّرفُ ففيه ثَلاث حالاتٍ: إِحداها: أنَّه يُعفَى عنه؛ لأنَّه لا يُدركُ بالطَّرفِ فعُفيَ عنه كغُبارِ السِّرجِينِ، والثانيةُ: لا يُعفَى عنه؛ لأنَّه نَجاسةٌ لا يَشقُّ الاحتِرازُ منها، فلم يُعفَ عنها كالذي يُدركُه الطَّرفُ، والثالِثةُ: على قَولَينِ، أحدُهما: يُعفَى عنه، والثاني: لا يُعفَى عنه، ووَجهُ القَولَينِ ما ذكَرنا.


(١) «الاختيار» (١/ ٣٥، ٣٧)، و «تبين الحقائق» (١/ ٧٣)، و «المبسوط» (١/ ٦٠)، و «العناية شرح الهداية» (١/ ٣٢٦)، و «البحر الرائق» (١/ ٢٤٠).
(٢) «بداية المجتهد» (١/ ١٢١)
(٣) «الشرح الصغير» (١/ ٥٢)

<<  <  ج: ص:  >  >>