للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعن مُحمدٍ: الدِّرهمُ الكَبيرُ: المِثقالُ، أي: ما يَكونُ وَزنُه مِثقالًا، فيُحملُ الأولُ على المِساحةِ، إنْ كانَ مائِعًا، وقَولُ مُحمدٍ على الوَزنِ إنْ كانَ مُستَجسِدًا.

قالَ النَّخعيُّ: أرادوا أنْ يَقولوا: قَدرَ المَقعدةِ، فكَنَّوْا بقَدرِ الدِّرهمِ عنه، وإنَّما قدَّرَه أَصحابُنا بالدِّرهمِ؛ لأنَّ قَليلَ النَّجاسةِ عَفوٌ بالإِجماعِ كالتي لا يُدركُها البَصرُ، ودَمُ البَعوضِ والبَراغيثِ، والكَثيرُ مُعتبَرٌ بالإِجماعِ، فجعَلنا الحَدَّ الفاصِلَ قَدرَ الدِّرهمِ أخذًا من مَوضوعِ الاستِنجاءِ؛ فإنَّ بعدَ الاستِنجاءِ بالحَجرِ إنْ كانَ الخارجُ قد أصابَ جَميعَ المَخرجِ يَبقى الأثَرُ في جَميعِه، وذلك يَبلغُ قَدرَ الدِّرهمِ، والصَّلاةُ جائِزةٌ معه إِجماعًا، وعلِمنا أنَّ قَدرَ الدِّرهمِ عَفوٌ شَرعًا.

(والمانِعُ من الخَفيفةِ أنْ يَبلغَ رُبعَ الثَّوبِ)؛ لأنَّ للرُّبعِ حُكمَ الكلِّ في أَحكامِ الشَّرعِ كمَسحِ الرأسِ، ثم قيلَ: رُبعُ جَميعِ الثَّوبِ، وقيلَ: رُبعُ ما أصابَه كالكُمِّ والذَّيلِ والدِّخريصِ، وعندَ أبي يُوسفَ: شِبْرٌ في شِبْرٍ، وعندَ مُحمدٍ: ذِراعٌ في ذِراعٍ، وعنه مَوضعُ القَدمَينِ، والمُختارُ الرُّبعُ، وعن أبي حَنيفةَ أنَّه غيرُ مُقدَّرٍ، وهو مَوكولٌ إلى رأيِ المُبتَلى لتَفاوتِ الناسِ في الاستِفحاشِ (وكلُّ ما يَخرجُ من بَدنِ الإِنسانِ وهو مُوجبٌ للتَّطهيرِ فنَجاستُه غَليظةٌ) كالغائِطِ والبَولِ والدَّمِ والصَّديدِ والقَيءِ، ولا خِلافَ فيه، وكذلك المَنيُّ.

قالَ: (وكذلك الرَّوثُ والأخثاءُ) وبَولُ ما لا يُؤكلُ لَحمُه من الدَّوابِّ عندَ أبي حَنيفةَ؛ لأنَّ نَجاستَها ثَبتَت بنَصٍّ لم يُعارِضْه غيرُه، وهو قَولُه

<<  <  ج: ص:  >  >>