للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قُلتُ: فلا يَكونُ في الِاستِنابةِ في العُمرةِ إلَّا الكَراهةُ، سَواءٌ كانَ المُستَنيبُ صَحيحًا أو عاجِزًا، اعتَمَرَ أو لَم يَعتَمِرْ، واللَّهُ أعلَمُ.

فَرْعٌ: قالَ في «شَرحِ العُمدةِ»: النِّيابةُ في الحَجِّ إنْ كانَتْ بغيرِ أُجرةٍ فحَسَنةٌ؛ لأنَّه فِعلٌ مَعروفٌ، وإنْ كانَتْ بأُجرةٍ اختَلفَ المَذهبُ فيها، والمَنصوصُ عن مالِكٍ الكَراهةُ، رَأَى أنَّه مِنْ بابِ أكْلِ الدُّنيا بعَملِ الآخِرةِ.

فائِدةٌ: قالَ الشَّيخُ ابنُ عَبدِ السَّلامِ في «شَرحِ ابنِ الحاجِبِ»: قالَ الشَّيخُ أبو بَكرٍ الطُّرطُوشيُّ في تَعليقَةِ الخِلافِ: الفَرقُ بينَ النِّيابةِ والِاستِنابةِ أنَّ النِّيابةَ وُقوعُ الحَجِّ مِنْ المَحجوجِ عنه، وسُقوطُ الفَرضِ عنه، ومعنَى الِاستِنابةِ جَوازُ الفِعلِ مِنْ الآخَرِ فَقط، يُريدُ بالآخَرِ المُستَنيبَ. انتَهَى (١).

وقالَ الإمامُ القُرطُبيُّ : قالَ مالِكٌ: إذا كانَ مَعضوبًا سقَط عنه فَرضُ الحَجِّ أصلًا، سَواءٌ كانَ قادِرًا على مَنْ يَحُجُّ عنه بالمالِ، أو بغيرِ المالِ، لا يَلزَمُه فَرضُ الحَجِّ، ولو وجَب عليه الحَجُّ ثم عُضِبَ وزَمِن سقَط عنه فَرضُ الحَجِّ، ولا يَجوزُ أنْ يَحُجَّ عنه في حالِ حَياتِه بحالٍ، بَلْ إنْ أوصَى بأنْ يَحُجَّ عنه بعدَ مَوتِه حَجَّ عنه مِنْ الثُّلُثِ، وكانَ تَطوُّعًا، واحتَجَّ بقَوله تَعالى: ﴿وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى﴾ [النجم: ٣٩]، فأخبَرَ أنَّه ليسَ له إلَّا ما سَعَى، فمَن قالَ: إنَّه له سَعْيُ غيرِه فقَد خالَفَ ظاهِرَ الآيةِ، وبِقَوله تَعالى: ﴿وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا﴾ [آل عمران: ٩٧]، وهذا غيرُ


(١) «مواهب الجليل» (٤/ ٥، ٧)، و «شرح مختصر خليل» (٢/ ٢٩٥، ٢٩٦)، و «تحبير المختصر» (٤/ ٢٧٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>