استِنابةُ الصَّحيحِ في النَّفلِ، واستِنابةُ العاجِزِ في الفَرضِ وفي النَّفلِ، لكنْ في التَّحقيقِ ليسَ هُنا إلَّا صُورَتانِ؛ لأنَّ العاجِزَ لا فَريضةَ عليه.
واعلَمْ أنَّ ابنَ الحاجِبِ حَكَى في جَوازِ استِنابَتِه ثَلاثةَ أقوالٍ:
قالَ في «التَّوضيحِ»: المَشهورُ عَدمُ الجَوازِ الذي يُكرَهُ، صرَّح بذلك الجَلَّابُ، وكَلامُ المُصنِّفِ -يَعني ابنَ الحاجِبِ- لا يُؤخَذُ مِنْ الكَراهةِ، بَلِ من المَنعِ، وهو ظاهِرُ ما حَكاه اللَّخمِيُّ. انتَهَى.
وَما قالَ: إنَّه ظاهِرُ كَلامِ اللَّخمِيِّ، هو الذي مَشَى عليه ابنُ عَبدِ السَّلامِ، وابنُ عَرفةَ، ونقَل الكَراهةَ عن الجَلَّابِ، واعتَرضَ ابنُ فَرحونٍ على المُصنِّفِ في حَمْلِه عَدَمَ الجَوازِ في كَلامِ ابنِ الحاجِبِ على الكَراهةِ، قالَ: ويَنبَغي حَملُ الكَراهةِ على المَنعِ، فقَد نَصَّ ابنُ حَبيبٍ عن مالِكٍ في الواضِحةِ: لا يَجوزُ، ولَفظُ «لا يَجوزُ» يَنفِي أنْ تَكونَ الكَراهةُ على بابِها. انتَهَى.
فَرْعٌ: قالَ سَنَدٌ: والكَلامُ في العُمرةِ كالكَلامِ في حَجِّ التَّطوُّعِ، ونَصُّه في بابِ النِّيابةِ في الحَجِّ، وسُئِلَ: هَلْ كانَ مالِكٌ يُوَسِّعُ أنْ يَعتَمِرَ أحَدٌ عن أحَدٍ إذا كانَ لا يُوَسِّعُ في الحَجِّ؟ قالَ: نَعم، ولَم أسمَعْه مِنه، وهو رَأْيٌ، إذًا أوصَى بذلك ظاهِرُ كَلامِه أنَّه يُكرَهُ ذلك ابتِداءً؛ لِقَوله: إذا أوصَى بذلك، وهو قَولُ مالِكٍ في المُوازيةِ، قالَ: لا يَحُجَّ أحَدٌ عن أحَدٍ، ولا يَعتَمِرْ عنه، ولا عن مَيِّتٍ، ولا عن حَيٍّ، إلَّا أنْ يُوصِيَ بذلك، فيُنَفَّذَ ذلك.
والكَلامُ في العُمرةِ كالكَلامِ في حَجِّ التَّطوُّعِ؛ لأنَّها عِبادةٌ بَدنيَّةٌ، وشَأنُهما واحِدٌ، فما جازَ مِنْ ذلك في الحَجِّ جازَ في العُمرةِ، وما مُنِعَ مُنِعَ. انتَهَى.